للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأكَّدته السنَّة النبوية، وأمر الله بالتزود منه وطلب المزيد منه، قال تعالى: {وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا} ١، {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} ٢، وفي السنة النبوية: "من يرد الله به خيرًا يفقِّهه في الدين"، واستشهد الله تعالى بأهل العلم على أجلِّ مشهود به، وهو توحيد الله، وقرن شهادتهم بشهادته وشهادة الملائكة، وهذه تزكية لهم، وتعديل وتوثيق؛ لأنَّ الله تعالى لا يستشهد بمجروح، قال تعالى: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} ٣.

وأهل العلم لا ينفعون أنفسهم فقط، وإنما ينفعون غيرهم بما يرشدونهم إليه، ويدلونهم عليه، ويوصلونهم به إلى ربهم، فالناس كما قال الإمام أحمد بن حنبل -رحمه الله تعالى: إلى العلم أحوج منهم إلى الطعام والشراب؛ لأنهم يحتاجون إليهما في اليوم مرة أو مرتين، وحاجتهم إلى العلم بعدد أنفاسهم، ومن أجل هذا كله كان طلب العلم أفضل من صلاة النافلة، وبهذا قال الشافعي وأبو حنيفة ومالك وغيرهم من أئمة المسلمين، وجاءت السنة النبوية بالبشارة لهم، ففيها: "إن العالم ليستغفر له من في السماوات ومن في الأرض، وإنَّ الله تعالى وملائكته يصلون على معلمي الناس الخير" ٤، فعلى الداعي المسلم أن يحرص أن يكون دائمًا من المتفقهين في الدِّين، العلماء بأحكامه، المعلِّمين للناس الخير، حتى يصيبه ما نطقت به هذه الآيات والأحاديث.

الفهم الدقيق:

٥٢٨- ومن العلم العزيز النادر الذي يغفل عنه الكثيرون مع دلالة القرآن عليه وتصريحه به والدعوة إليه، علم طريق الآخرة الذي يهيِّج القلب ويزعجه ويدفعه إلى سلوكه، ويشعر صاحبه بغربته في الدنيا، وقرب رحيله عنها إلى سفر بعيدٍ لا يرجع بعده إلى دنياه، ولا ينفع فيه زاد إلّا التقوى، ولذلك فهو دائمًا مشغول بإعداد هذا


١ سورة طه، الآية: ١١٤.
٢ سورة المجادلة: الآية: ١١.
٣ سورة آل عمران، الآية: ١٨.
٤ مدارج السالكين لابن قيم الجوزية ص٤٦٩-٤٧٠.

<<  <   >  >>