للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

روح الإيمان ولبّه؛ لأنَّ الإيمان يقوم على المعرفة اليقينية بالرب -جلَّ جلاله- كما قلنا، ومن عرف ربه أحبَّه، كما قال الحسن: وكلما قويت المعرفة ازداد عمق الإيمان، وازدادت محبة العبد لربه، وقوة المعرفة إنما تكون بالفكر الصافي في صفات الربِّ وعظمته ونعمائه، التي أعظمها هدايته للداعي المسلم إلى الإيمان به {وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ} ١، وحب المسلم لربه تعالى يمتدُّ إلى ما يحبه المحبوب -جلَّ جلاله؛ ولهذا يحب المسلم نبيه محمدًا -صلى الله عليه وسلم؛ لأنه حبيب الله ورسوله إلى الناس، ومبلغهم الإسلام، وكذلك يحب المسلم القرآن وتعاليم الإسلام؛ لأنَّها رسالة الله، ويحب المؤمنين؛ لأنهم عباد الله المطيعين الذين يقومون بعبادة مولاهم، وحب المسلم لله وما تعلّق به يترك أثرًا طيبًا حلوًا في نفس المسلم، يحس بحلاوته وطيبه، قال -صلى الله عليه وسلم: "ثلاثة من كنَّ فيه وجد حلاوة الإيمان، أن يكون الله ورسوله أحبَّ إليه مما سواهما، وأن يكره أن يرجع إلى الكفر بعد أن أنقذه الله منه كما يكره أن يقذف في النار، وأن يحب المرء لا يحبه إلّا الله"، فحب العبد لربه يستلزم هذه الأمور قطعًا، ولا يمكن أن تتخلف عنه، وقد يكون من المفيد أن أتبسَّط ولو قليلًا في لوازم محبة المسلم لربه -جل جلاله، وأجعل هذه اللوازم في فقرات، زيادة في إيضاحها وإظهارها لعظيم أهميتها، فأقول:

لوازم محبة العبد لربه:

٥٣٧- قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ} ١، وقال تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} ٢، فلوازم محبَّة المسلم لربه في ضوء هاتين الآيتين الكريمتين هي:

أولًا: أذلَّة على المؤمنين: فالمسلم رقيق رحيم شفيق على أخيه المسلم، والداعي وهو


١ سورة الأعراف، الآية: ٤٣.
٢ سورة المائدة، الآية: ٥٤.
٣ سورة آل عمران، الآية: ٣١.

<<  <   >  >>