للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يدعو آخاه المسلم إلى ما يرضي الله، يستشعر هذه الشفقة والرحمة التي تصل إلى صورة الذلة المشروعة، وسنتكلم عن هذه فيما بعد، وهذه مثل قوله تعالى في صفة محمد -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه: {رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} ١.

ثانيًا: أعزَّة على الكافرين، وهذا مثل قوله تعالى: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ} ٢ لا يهين ولا يستكين ولا يشعر بصغار أمامهم ولا في غيبتهم، لا في ظاهره ولا في باطنه، فهو قويّ عليهم بقدر ما هو ليِّن على المؤمنين.

ثالثًا: يجاهدون في سبيل الله، والجهاد في سبيل الله يعني: جهاد النفس الدائم حتى تستقيم وتثبت وتستمر على طاعة الله، وجهاد العدو حتى يخنس وينكف ضرره، وجهاد الدعوة إلى الله حتى يتمَّ التبليغ والتبيين ويتيسَّر للناس سبل الهداية، وهذا الجهاد المبذول من الداعي المسلم في دعوته إلى الله تعالى يظهر ويتميز بالانشغال التامّ في أمور الدعوة والافتكار بها، وتقليب وجوه الرأي في وسائلها، والحرص على نجاحها، وإيثارها على الولد والمال والنفس والراحة وحطام الدنيا كلها، قال تعالى: {قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} ٢.

رابعًا: لا يخافون لومة لائم، أي: لا يردُّهم عمَّا هم فيه من طاعة الله والدعوة إليه والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لا يردُّهم عن ذلك رادّ، ولا يصدُّهم عن ذلك صادّ، ولا يمنعهم منه لوم اللائمين ولا عذل العاذلين٣.

خامسًا: متابعة الرسول -صلى الله عليه وسلم- في هديه في جميع أحواله، بالإضافة إلى طاعة أمره، والابتعاد عمَّا نهى عنه {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} ٤، فهو قدوة الداعي إلى الله، يقتدي به في سيرته، في دعوته إلى الله خطوة خطوة {لَقَدْ


١-٢ سورة الفتح، الآية: ٢٩.
٣ سورة التوبة، الآية: ٢٤.
٤ تفسير بن كثير ج٢ ص٧٠.
٥ سورة الحشر، الآية: ٧.

<<  <   >  >>