للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في الدعوة إلى الله، فعليه أن يستعين بالله ويصبر الصبر الجميل، وليعلم أنَّ الأمور كلها بيد الله تعالى، وأنّ ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، وأنه لا حول ولا قوة إلا بالله.

ثالثًا: الرحمة

٥٦٠- من أخلاق الداعي الضرورية: الرحمة، وقبل أن أبيِّنَ أهميتها للداعي أذكر ما ورد في السنة النبوية١.

قال -صلى الله عليه وسلم: "لا يُرْحَم من لا يَرْحَم الناس"، "لا تنزع الرحمة إلّا من شقي"، "الراحموان يرحمهم الله تعالى، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء"، قَبَّل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الحسن بن علي -رضي الله عنهما- وعنده الأقرع بن حابس، فقال الأقرع: إنَّ لي عشرة من الولد ما قَبَّلت منهم أحدًا، فنظر إليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثم قال: "من لا يَرْحَم لا يُرْحَم"، "دخلت امرأة النار في هرة ربطتها، فلم تطعمها ولم تدعها تأكل من خشاش الأرض".

٥٦١- ومن صفات وأخلاق المصطفى -صلى الله عليه وسلم- رحمته وشفقته على أمته، قال تعالى: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} ، ومن شفقته -صلى الله عليه وسلم- دلالته على ما يبعدهم عن النار، وقد مثَّل ذلك بمثل بليغ، قال -صلى الله عليه وسلم: "إنما مثلي ومثل أمتي كمثل رجل استوقد نارًا، فجعلت الدواب والفراش يقعن فيه، فأنا آخذ بحجزكم وأنتم تقتحمون فيه" ٢.

ضرورة الرحمة للداعي:

٥٦٢- إنَّ الداعي لا بُدَّ أن يكون ذا قلب ينبض بالرحمة والشفقة على الناس، وإرادة الخير لهم والنصح لهم، ومن شفقته عليهم دعوتهم إلى الإسلام؛ لأن في هذه الدعوة نجاتهم من النار وفوزهم برضوان الله تعالى. إنَّه يجب لهم ما يحب لنفسه، وأعظم ما يحبه لنفسه الإيمان والهدى، فهو يحب ذلك إليهم أيضًا. إنَّ الوالد من شفقته على أولاده يحرص على إبعادهم عن الهلكة، ويتعب نفسه في سبيل ذلك، وأيَّة هلكة أعظم


١ تيسير الوصول ج٢، ص١٢-١٦.
٢ رواه الإمام مسلم في صحيحه ج٥، ص٩١١. الحجز جمع حجزة، وهي معقد الإزرار والسراويل، والتقحم: الوقوع في الأمور الشاقة من غير تثبيت.

<<  <   >  >>