بالعواطف والقصود الطيبة والحماس لخدمة الإسلام عند تعين الوسيلة والأسلوب، وليدع النظر السديد يُعيِّن الوسائل والأساليب في ضوء ما جاء في المصادر التي ذكرناها. إن الحماس والعاطفة والرغبة في العمل يجب أن يوجّه ذلك كله لتحقيق وتنفيذ الأسلوب الصحيح، والوسيلة الصحيحة بعد تقريرهما، لا أن يوجِّه ذلك للتشكيك في الأسلوب الصحيح، والتجديف بعيدًا عن الوسائل الصحيجة، والجدل العقيم.
نتائج الخروج عن النهج الصحيح:
٦٤٧- والخروج عن النهج الصحيح في الأسلوب والوسيلة يؤدِّي إلى الفشل وعدم بلوغ الغاية، وإن ظنَّ الخارج أنَّه قارب أن يصلها، وحتى ولو وصلها فعلًا، فإنه سرعان ما يدفع عنها ويُرْمَى بعيدًا عنها، وفضلًا عن ذلك فإنَّ الخروج عن النهج الصحيح يؤدِّي غالبًا إلى لحوق الأذى بالعاملين، وضياع الجهود بلا طائل، كالذي يقيم البناء على غير أساسٍ سليمة أو بمواد غير صالحة، فإنَّ بناءه إلى الزوال مع احتمال انهدامه على ساكنيه. إن هذه النتائج تقع حتمًا وإن كان الداعي حسن النية والقصد؛ لأنَّ النتائج في الدنيا تترتب على أسبابها ومقدماتها بغض النظر عن نيّات أصحابها.
وعلى سبيل التمثيل أو التدليل على ما نقول، إنَّ من نهج الدعوة الصحيح حسن الخلق والترفُّق، فإن عُدِمَ الداعي ذلك بأن كان فظًّا غليظ القلب، كان سببًا لانصراف الناس عنه وإن كان محقًّا في دعوته مخلصًا في علمه؛ إذ ليس هو بأحسن حالًا من رسول الله -صلى الله عليه وسلم، الذي خاطبه ربه بقوله:{وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} ، وأخيرًا فإنَّ الخروج على النهج الصحيح قد يكون من المعاصي التي يقع فيه الداعي؛ لأنَّ المنهج الصحيح في الدعوة من الدين ومخالفة أحكام الدين في أمور الدعوة إلى الله معصية يسأل عنها المسلم؟
صعوبة الالتزام بالنهج الصحيح:
٦٤٨- والحقيقة أنَّ الالتزام بالنهج الصحيح ليس بالأمر اليسير؛ لأنَّه يقتضي أن يحيط الداعي بمعاني النهج الصحيح وحضورها في ذهنه، بحيث تصدر أفعاله بموجبها بسهولة ويسر، ثم عليه أن يطَبِّق ما فهمه من هذه المعاني على الجزئيات التي يباشرها أو