للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القلبية، فإنَّ الله تعالى لا تخفى عليه خافية، قال -جلَّ جلاله: {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ} ١.

الحذر من الأهل والولد:

٦٩٧- والأهل والولد مجبنة مبخلة، كما جاء في بعض الآثار؛ لأنَّ حب المسلم لأهله وولده قد يقعد به عن الجهاد في سبيل الله، ويحبّّب إليه الامتناع عن البذل حيث يحب الله منه البذل، وقد يمنعونه فعلًا عن الجهاد وعن العمل؛ ليوفر لهم الراحة والطمأنينة في زعمهم، وقد يستجيب لهم، فيكون فعلهم هذا فعل الأعداء، والعدو يستحق الحذر والإفلات من مكيدته، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ} ٢، ووجه عداوتهم كما يقول ابن العربي المالكي: "إن العدو لم يكن عدوًّا لذاته، وإنما عدوًّا بفعله، فإذا فعل الزوج والولد فعل العدو كان عدوًّا، ولا فعل أقبح من الحيلولة بين العبد والطاعة"، وقال أهل التفسير: إنَّ هذه الآية نزلت في عوف بن مالك الأشجعي، كان ذا أهلٍ وولد، وكان إذا أراد الغزو بكوا إليه ورققوه، فقالوا: إلى من تتركنا؟ فيرِقُّ لهم ويقيم عندهم"٣، فليحذر الداعي المسلم جهالة الأهل والولد وتثبيطهم له عن الجهاد في سبيل الله والدعوة، فهم مجبنة مبخلة كما قلنا.

الحذر من اتباع الهوى:

٦٩٨- وليحذر الداعي من الانزلاق إلى متابعة الهوى وترك الحق بحُجَّة تكثير سواد المستجيبين، أو بحُجَّة قبول الدعوة وانتشارها، فإنَّ دعوة الله ليست بحاجة إلى تكثير سواد أتباعها من طريق الخيانة، وإرضائهم بالباطل وبما يسخط الله تعالى، قال ربنا -تبارك وتعالى- لرسوله الكريم -صلى الله عليه وسلم: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ} ٤، وقد جاء في


١ سورة البقر ة، الآية: ٢٣٥.
٢ تفسير القرطبي ج١٨ ص١٤١، والآية في سورة التغابن.
٣ تفسير القرطبي ص١٤٠.
٤ سورة المائدة، الآية: ٤٩.

<<  <   >  >>