"عن عائشة -رضي الله عنها- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:((من ظلم من الأرض قيد شبر)) " الظلم وضع الشيء في غير موضعه، ويتفاوت من الشيء اليسير إلى أن يصل إلى حد الشرك الأكبر:{الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ} [(٨٢) سورة الأنعام] وأعظم الظلم الشرك الأكبر {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [(١٣) سورة لقمان] وما دونه من ظلم النفس وظلم الغير، وهو متفاوت، المقصود أن الظلم محرم ((يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا)) والمظالم شأنها عظيم بحيث لا بد فيها من الاستيفاء، هذه حقوق العباد، ولذا جاء الترهيب من ظلم الشيء اليسير من الأرض، ((من ظلم من الأرض قيد شبر)) قدر شبر فقط، فكيف بمن يظلم ويغتصب وينتهك المساحات الكبيرة من الأرضين اللي بعضها حر، وبعضها مملوك، وبعضها موات، وبعضها محيا، فكيف بهذا -نسأل الله السلامة والعافية-؟!
((من ظلم من الأرض قيد شبر طوقه من سبع أرضين)) جعل في عنقه كالطوق، يحمله يوم القيامة، يأتي به من سبع أرضين ما هي بأرض واحدة، يعني الذي ينتهب الكيلوات، أو يغتصب الكيلوات، كيف يشيل هذه الكيلوات؟! يحمل هذه المساحات الكبيرة من سبع أرضين؟ ما هي بأرض واحدة، يعني أرض واحدة لا يتصور حملها، لو اجتمع عليها الناس كلهم ما حملوها فكيف بسبع أرضين؟! وهذا من النصوص الصريحة في كون الأرضين سبع كالسموات {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ} [(١٢) سورة الطلاق] لكن هذا ليس بصريح أنها سبع، ليس بصريح، يعني مثلها في الطول، في العرض، في الحجم، في السمك، نعم، الله أعلم، لكن كونها سبع في العدد احتمال، والحديث صريح في أن الأرضين سبع كالسماوات، وجاء فيه أيضاً حديث:((لو أن السموات السبع وعامرهن غيري، والأرضين السبع في كفة ولا إله إلا الله في كفة مالت بهن لا إله إلا الله)) فالأدلة تدل على أن الأرضين سبع كالسماوات.