" ((فأدها إليه)) وسأله عن ضالة الإبل" لما سأله عن ضالة الإبل غضب النبي -عليه الصلاة والسلام-، ترجم عليه البخاري باب: الغضب في الموعظة والتعليم، غضب النبي -عليه الصلاة والسلام- لأنه يعرف، السائل يعرف أن الشيء الذي يلتقط من عروض التجارة عليه خطأ، إذا ما أخذته أنت أخذه غيرك، إذا ما أخذته أنت وأنت تستشعر الأمانة فيأخذه شخص يضيعه، لكن الإبل، يعيش بدونك، وبدون غيرك، فغضب النبي -عليه الصلاة والسلام- وقال:((مالك ولها؟ دعها فإن معها حذاءها وسقاءها)) الحذاء: أخفافها التي تحتمل الحصى، وتحتمل الرمضاء، وتحتمل .. ، معها الحذاء ومعها السقاء الذي هو البطن الكبير، ومعها العنق الذي تتناول به الأشجار الكبيرة والبعيدة، وتشرب من الماء النازل، المقصود أنها تقوم بنفسها، وليست بحاجة إلى من يرعاها ((فإن معها حذاءها وسقاءها ترد الماء، وتأكل الشجر، حتى يجدها ربها)) ... الإبل تمتنع من صغار السباع، فلا خشية عليها، وهي أيضاً في مأمن من أن تموت جوعاً وعطشاً، فليست بحاجة إلى رعاية فتترك، يعني كون إنسان معه سيارة ووجد بعير ضائع، ما عنده أحد، يلبق بالسيارة ويشيله ويدخله إلى البلد؟ متى بيلقى صاحبه؟ لكن لو تركه في البر وجده صاحبه، وهو ما عليه خطر.
"وسأله عن الشاة" عن ضالة الغنم "فقال: ((خذها، فإنما هي لك أو لأخيك أو للذئب)) " إن ما أخذتها أنت جاء ثاني يأخذها، هي لا تقوم بنفسها، ولا تحمي نفسها من صغار السباع، لا للذئاب ولا دون الذئاب، فهي لا تحمي نفسها، وفي خطر من الموت، وخطر من أن يأخذها شخص آخر، فأنت أحق بها من غيرك، فإنما هي لك أو لأخيك أو للذئب، وليس معنى هذا أن الناس يتساهلون، كل من استطرف شيئاً استولى عليه، لا، هذا ليس في هذا ترخيص إلى أن يتساهل الناس في هذا الباب، كل من وجد شاة أو عنز طلعت من بيت أهلها أخذها، أو بحاجة هو في رحلة أو نزهة ووجد شاة، وصاحبها قريب منها، لا يبرر لنفسه مثل هذا، المقصود أنها ضالة، ويخشى عليها، فإذا غلب على الظن أنها تتلف وتهلك فهو أولى بها من غيره، وإذا غلب على ظنه أنها في مأمن من أن تتلف وتهلك أو يأكلها ذئب، أو يأخذها غيرك، فأنت أحق بها.