((وإنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت بها حتى ما تجعل في فيِّ امرأتك)) النية العامة تنفع، ولذلك المزارع إذا زرع ينوي بذلك الخير، وأن يستحضر بذلك وقت الزراعة أن يؤكل منه، من الناس، من الدواب، من الطيور، كل هذا فيه أجر، لكن ما يلزم أن ينوي أن كل ما أكل منه يكتب له أجر، النية العامة تكفيه، بل مثل هذا يقول بعض أهل العلم: أن مثل هذا لا يحتاج إلى نية، الأجر رتب عليه وهو ما نوى، وقل مثل هذا في الفرس التي يربطها للجهاد في سبيل الله، ثم تشرب من الماء يكتب له الأجر، ولو لم يقصد شربها، كما جاء في الحديث الصحيح، ولم لم ينوِ شربها من الماء؛ لأنه إنما ربطها في سبيل الله، وفضل الله واسع، فعلينا أن نري الله -جل وعلا- منا الإخلاص، وقصد التقرب إليه -جل وعلا-.
((حتى ما تجعل في فيّ امرأتك)) هذا من حسن العشرة والتعامل، يعني تأخذ اللقمة وتضعها في فيها، بعض الناس يأنف من هذا ويتكبر، لكن هذا لا شك أنه من العشرة بالمعروف، وبعض الناس إذا دخل البيت مثل الإمبراطور ما يريد أحد يتنفس، والنبي -عليه الصلاة والسلام- في خدمة أهله {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [(٢٢٨) سورة البقرة] تريد منك احترام وتقدير مثلما تريد منها، هي امرأة إنسانة كاملة الحقوق، ويبقى أن الرجل هو الراعي، وهو القوام على من تحت يده، لا نقول: إن المرأة مثل الرجل، لا، أما المعلوم بالضرورة من دين الإسلام أن الله -جل وعلا- فضل الجنس على الجنس {وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ} [(٢٢٨) سورة البقرة] لكن لا يعني هذا أنك تستغل هذه القوامة وهذه الدرجة لتجعلها مسخرة مذللة، لا يا أخي؛ لأن الله -جل وعلا- يقول:{وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [(٢٢٨) سورة البقرة] لك حقوق ولها حقوق، وتريدها تتعامل معك باحترام وتقدير احترمها وقدرها هي إنسانة لها حقوق ولها مشاعر ولها نفس مثلك، وابن عباس -رضي الله عنهما- يقول:"إني لأتجمل لها كما أحب أن تتجمل لي".
((حتى ما تجعل في فيّ امرأتك)) يعني في فمها، وهذا أيضاً من الأسماء الخمسة، أو الستة على الخلاف في السادس، وهناك مرفوع ذو مال، وهنا في فيّ امرأتك.