للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

"فقالت زينب: كانت المرأة إذا توفي زوجها دخلت حفشاً" يعني بيتاً صغيراً شعثاً، عبارة عن غرفة صغيرة ما فيها شيء من مظاهر الجمال ولا النور أيضاً مظلم، تجلس في هذا البيت؛ لتعلن للناس أنها فارقت أحب الناس إليها، وأقرب الناس إلى قلبها، وأنها مصابة بهذه المصيبة العظيمة، كانت المرأة إذا توفي عنها زوجها دخلت حفشاً ولبست شر ثيابها، تلبس الأسمال البالية، ولم تمس طيباً، ولا شيئاً حتى تمر عليها سنة كاملة، ثم تؤتى بدابة .. ، لا تمس طيب ولا شيء ولا ماء ولا تغتسل ولا تتنظف أبداً، تتراكم عليها الأوساخ، وتتوالى عليها الدورات الحيض من غير أن تمس شيء، يعني رائحتها ماذا تصير؟ في غاية الكراهية، تكون منتنة "حتى تمر عليها سنة، ثم تؤتى بدابة -حمار أو شاة أو طير-" المهم دابة مما يدب على وجه الأرض، والأصل فيها كل ما يدب على وجه الأرض حتى من بني آدم، لكن العرف خصها بذوات الأربع، وهنا ما هو أعم، بدابة ما هذه الدابة؟ حمار أو طير أو شاة، الطير يدخل في الدابة أو لا يدخل؟ لماذا؟ الآية {وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ} [(٣٨) سورة الأنعام] هل نقول: إن هذا من عطف الخاص على العام ويدخل الطائر في الدابة؟ وهنا فسرت الدابة بالطير، يعني مما فسرت به الدابة الطير، فالإطلاق العام الحقيقة العرفية تشمل كل ما يدب على وجه الأرض.

"بدابة -حمار أو شاة أو طير-" الحمار بدل بعض، أو طير أو شاة معطوفات عليه "فتفتض به" يعني تدلك به جسدها لا سيما المواطن التي فيها الروائح الكريهة "فتفتض به، فقلما تفتض بشيء إلا مات" يعني من الجراثيم والروائح الكريهة، والأوساخ المتراكمة، يعني الرائحة الكريهة لها دور في مثل هذا، الضربان دويبة منتنة الرائحة جداً إذا احتاجت إلى شيء -ذُكر هذا في كتب الحيوان- إلى شيء تأكله ماذا تصنع؟ كيف؟ تدخل في جحره على قفاها رويس، فتطلق هذه الرائحة فيموت، هذا ذكر في كتب الحيوان، لا شك أن مثل هذه الأمور مؤذية.