للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لو قلنا: إن التراب وصف من أوصاف الأرض، وقلنا: إن هذا مطلق ومقيد، واتفقا في الحكم والسبب، فيحمل المطلق على المقيد، وحينئذٍ لا نتيمم بشيء على وجه الأرض إلا التراب، وإلى هذا ينحو من يقول: بأنه لا يجزئ التيمم إلا بالتراب كالحنابلة والشافعية، فالذين قالوا بالتيمم بجميع ما على وجه الأرض قالوا: عموم وخصوص، أو قالوا: هذه زيادة تضمنت بعض الاختلاف ولم يروها بل تفرد بها الراوي يحكم عليهم بالشذوذ كما قال بعضهم، لكنها في صحيح مسلم لا كلام لأحد، إذا قلنا: إنها من باب العموم والخصوص مشينا على قول من يقول: يتيمم بكل ما على وجه الأرض، ولا مخصص بالتراب، ويمشي على هذا رأي الحنفية والمالكية وجمع من أهل العلم، ولا نحتاج إلى تخصيص؛ لأن الحكم واحد، وذكر التراب للاهتمام بشأنه، وإذا قلنا: إطلاق وتقييد، حملنا المطلق على المقيد، وقلنا: لا تيمم إلا بتراب، كما يقول الشافعية والحنابلة، والأظهر هو القول الأول إن ذكر التراب للاهتمام به، والعناية بشأنه.

((فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل)) يعني خلافاً لما كانت عليه الأمم السابقة من أنهم لا يصلون إلا في مواضع الصلاة.

((وأحلت لي الغنائم، ولم تحل لأحد قبلي)) الأمم السابقة كانوا إذا غزوا وغنموا جمعوا هذا المغانم في جهة، فإن كانت متقبلة أريد بها وجه الله نزلت عليها نار من السماء فأكلتها، وفي شرعنا: كلوا مما غنمتم، ((وجعل رزقي تحت ظل رمحي)) ولذا يقرر أهل العلم أن أطيب المكاسب إيش؟ الغنائم، لماذا؟ لأنها رزق النبي -عليه الصلاة والسلام-، النبي لا يزاول تجارة، ولا يزاول .. ، ليس له مرتب ولا دخل إلا من المغانم، وهو رزق النبي -عليه الصلاة والسلام- فهو أفضل المكاسب على الإطلاق، وإن قال بعضهم: إن الزراعة أفضل، وبعضهم قال: الصناعة؛ لأن داود كان صانع، المقصود أن المغانم التي هي رزق النبي -عليه الصلاة والسلام- أفضل المكاسب.

((وأعطيت الشفاعة)) وشفاعات النبي -عليه الصلاة والسلام- كثيرة، لكن من أعظمها الشفاعة العظمى التي تريح الخلائق كلهم من عناء الموقف، وهي المقام المحمود، الذي نسأله للنبي -عليه الصلاة والسلام- دبر كل أذان.