"عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: قدم ناس من عكل أو عرينة" في رواية بالواو: من عكل وعرينة، وجاء في بعض الروايات: أنهم كانوا أربعة من عرينة وثلاثة من عكل "فاجتووا المدينة" يعني كرهوها واستوبؤها، ولم تناسبهم، يعني جو المدينة ما ناسبهم، فحصل لهم ما حصل من المرض في بطونهم، فعلاج مثل هؤلاء إذا حصل الوباء لمثل هؤلاء في البطون ما فعله النبي -عليه الصلاة والسلام- "أمر لهم النبي -عليه الصلاة والسلام- بلقاح" نياق فيها ألبان "وأمرهم أن يشربوا من أبوالها وألبانها" وما زال الناس يتداوون بلبن الإبل المخلوط بشيء من بوله، وهو نافع لمرض البطن، ما زال الناس يتداوون به، وقد يتضرر الإنسان في أول الأمر إذا لم يعتد شرب لبن الإبل، لكنه بعد ذلك يشفى به؛ لأنه علاج نبوي، والحديث في الصحيحين، هؤلاء لما حصل لهم المرض بسبب تغير الجو عليهم؛ لأن ما كل إنسان يناسبه كل جو، فهؤلاء لما قدموا المدينة اجتووها، وأصيبوا بهذا الداء في بطونهم، فوصف لهم النبي -عليه الصلاة والسلام- هذا العلاج، فأمر لهم باللقاح من هذه الإبل، وأمرهم أن يشربوا من أبوالها وألبانها، والبول بول ما يؤكل لحمه طاهر، بدليل هذا الحديث وغيره من الأدلة، والنبي -عليه الصلاة والسلام- طاف على البعير، ولا يؤمن أن يبول في المسجد، لولا أن بوله طاهر ما طاف عليه، وهنا أمر بشربها، وأذن بالصلاة في مرابض الغنم، كل هذا يدل على طهارة بول ما يؤكل لحمه وألبانها، ومن أهل العلم من يرى أن أبوالها نجسة، وإنما أذن النبي -عليه الصلاة والسلام- بالشرب منها علاج؛ لأنه علاج، الضرورة دعت إليه، لكن كما جاء في الحديث:((تداووا عباد الله، ولا تداووا بحرام)) والنجس حرام يدخل في الممنوع، وأمرهم أن يشربوا من أبوالها وألبانها "فانطلقوا" يصنعون ما أمرهم به "فلما صحوا" كفروا هذه النعمة، وبدل أن يشكروا الله -جل وعلا-، ثم يقدمون إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، ويقدمون له ما يستحقه من التقدير والإكرام "فلما صحوا قتلوا راعي النبي -عليه الصلاة والسلام-" قتلوا الراعي "واستاقوا النعم" هؤلاء قوم لئام -نسأل الله السلامة والعافية-، لما عافاهم الله كان الواجب عليهم الشكر، والشكر