عليه أربع مرات" ثنى يعني كرر، أما ثنّى يعني قاله مرتين، كرر ذلك عليه أربع مرات "فلما شهد على نفسه" يعني أقر، والإقرار بمنزلة الشهادة؛ لأنه يطلب لثبوت الزنا أربعة شهود، وكذلك الإقرار أربع مرات، وكل إقرار بمنزلة شاهد، ولذا قال: "فلما شهد على نفسه أربع شهادات دعاه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال:((أبك جنون؟ )) " هناك في حديث العسيف قال: ((اغد يا أنيس إلى امرأة هذا فإن اعترفت فأرجمها)) اعترفت، وليس فيه ما يدل على أنها اعترفت أربع مرات، وهنا أربع مرات، ولذا اختلف أهل العلم هل يكفي الإقرار مرة أو لا بد من الاعتراف أربع مرات؟ مسألة خلافية يتمسك بالحديث الأول جمع من أهل العلم، وبالثاني جمع، ومنهم من يقول: إن هذا من باب الستر عليه، ومن باب التأكد، ولذا جاء في الحديث ما يدل على أن النبي -عليه الصلاة والسلام- كاره لإقامة الحد عليه، رجل تائب ستر الله عليه يستتر، ولذا سأل عنه:((أبك جنون؟ )) وسأل قومه فأجابوه: والله ما رأيناه إلا وفي العقل من صالحينا، سأله أيضاً:((هل شربت خمراً؟ )) فقال: لا، فقال:((استنكهوه)) شموه، كل هذا ليدرأ عنه الحد -عليه الصلاة والسلام-؛ لأنها وقعت منه هذه الهفوة وهذه الزلة وتاب، ومن تاب تاب الله عليه {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ} [(٦٨ - ٧٠) سورة الفرقان] هذا من فضل الله -جل وعلا-، أن من تاب تاب الله عليه، والتوبة تجب ما قبلها، وتهدم ما كان قبلها، لكن يبقى النظر في أهل السوابق، وأهل الجرائم الذين آذوا الناس في أموالهم، في أنفسهم، في أعراضهم، هؤلاء لا بد من القضاء على دابر الفساد، نعم إذا عم الفساد وانتشر مثل هذا لا بد أن يضرب على أيدي هؤلاء بيد الحق القوية.