"عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أنه قال: إن اليهود جاءوا" اليهود من العام الذي أريد به الخصوص، بعضهم، "جاءوا إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فذكروا له أن امرأة منهم ورجلاً زنيا" يعني بعد الإحصان، بدليل أنهما رجما "فقال لهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((ما تجدون في التوراة)) " في شأن الرجم، والأصل أن مثل هؤلاء الكفار عموماً مخاطبون بفروع الشريعة، فإذا تحاكموا إلينا حكمنا بينهم بحكم الله " ((ما تجدون في التوارة في شأن الرجم)) قالوا: نفضحهم ويجلدون" وهذا من تغييرهم وتحريفهم؛ لأنهم استحفظوا فلم يحفظوا، بل حرفوا، يحرفون الكلم عن مواضعه، واشتروا بآيات الله ثمناً قليلاً "قالوا: نفضحهم ويجلدون" وفي رواية: يحممون، يعني تسود وجوههم ويركبون على دابة، ويطاف بهم في البلد، ويجلدون ويكتفى بجلدهم، وهذا من تحريفهم وتغييرهم وتبديلهم لشرع الله.
"قال عبد الله بن سلام: كذبتم إن فيها آية الرجم، فأتوا بالتوراة فنشروها" بسطوها بين يدي النبي -عليه الصلاة والسلام- "فوضع أحدهم يده على آية الرجم، فقرأ ما قبلها وما بعدها" أهل مكر، أهل زور "فقال له عبد الله بن سلام: ارفع يدك، فرفع يده فإذا فيها آية الرجم، فقال: صدق يا محمد، فأمر بهما النبي -عليه الصلاة والسلام- فرجموا، قال: فرأيت الرجل يجنأ عليها" يعني يحني عليها "يقيها الحجارة" وما زال حبها في قلبه حتى في هذه الظرف الذي فيه مفارقة الدنيا، بأبشع وسيلة للقتل وهو الرجم، فلا شك أن الشيطان إذا زين واستشرف المرأة، وأدخل حبها شغاف القلب، يتعلق الرجل بها، وهذا في مثل هذا الظرف يجنأ عليها، ويقيها ويحميها، ويحني عليها، نسأل الله السلامة والعافية.
قال المؤلف -رحمه الله تعالى-: "الذي وضع يده على آية الرجم عبد الله بن صوريا" واحد من المحرفين، نسأل الله السلامة والعافية، فالكفار مخاطبون بفروع الشريعة، وتقام عليهم الحدود إذا تحاكموا إلينا كما هنا، والرجم مما اتفقت عليه شريعتنا مع ما قبلها من الشرائع، شريعة ثابتة، لا يجوز لأحد أن يبدلها أو يغير صورتها، نعم.