الركوب لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- إنما حج راكباً، وفي الآية {وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ} [(٢٧) سورة الحج] فقدم الرجال على الركبان، فمن نظر إلى فعله -عليه الصلاة والسلام- وما كان الله ليختار له إلا الأفضل قال: الحج راكباً أفضل، ومن نظر إلى تقديم الرجال على الركبان في الآية قال: يمشي أفضل، نعود إلى مسألتنا:"نذرت أختي أن تمشي إلى بيت الله الحرام حافية" تمشي وحافية، طيب تعبت "فأمرتني أن أستفتي لها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" يعني بعض الناس ما يحسب العواقب، فليزم نفسه بغير لازم ثم في النهاية يترك، ما يستطيع "فأمرتني أن أستفتي لها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فاستفتيته، فقال:((لتمشِ ولتركب)) " يعني توفي بنذرها بالمشي، ولو لم يكن جميع الطريق، ثم لتركب يعني إذا تعبت، مسألة وهي أن المشقة جاء فيها ((أجرك على قدر نصبك)) يعني على قدر التعب وعلى قدر المشقة، فهل المشقة مقصودة قصداً شرعياً لذاتها أو أنها مقصودة تبعاً لعبادة فإذا اقتضتها العبادة أجر عليها الإنسان إذا لم تقتضها العبادة ما يؤجر عليها الإنسان؟ نعم الثاني هو الذي تدل عليه الأدلة، بدليل لو أن شخصاً أراد أن يحج من الرياض فقال: أنا أريد أن أحج وبدلاً من أن يكون بين الرياض ومكة ثمانمائة كيلو لماذا لا يصير ألفين كيلو، أروح عن طريق تبوك على الساحل على مكة، مشقة، وإن بعد قصد سيارة غير مريحة، أو على جمل، أو في حر شديد من غير تكييف، أو في برد شديد من غير تدفئة، وفتح النوافذ هذه مشقات، لكن هل الشرع يأمر الإنسان أن يعذب نفسه بهذه الطريقة؟ إن الله -جل وعلا- عن تعذيبه نفسه لغني، الله -جل وعلا- شرع العبادات رحمة بالعباد لا لتعذيبهم، هذا إذا لم تكن العبادة تتطلب هذه المشقة، فلا تكون المشقة مطلوبة ولا يؤجر عليها الإنسان، لكن إذا كانت العبادة تتطلب {لَّمْ تَكُونُواْ بَالِغِيهِ إِلاَّ بِشِقِّ الأَنفُسِ} [(٧) سورة النحل] نعم يؤجر عليها، ولذا جاء ((أجرك على قدر نصبك)) لأن الحج يتطلب هذه المشقة، الجهاد يتطلب مشقة، فيؤجر على قدر المشقة؛ لأن هذه المشقة تتبع عبادة، ويثبت تبعاً ما لا