للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

"عن كعب بن مالك" كعب بن مالك هذا أحد الثلاثة الذين خلفوا، ثم تاب الله عليهم، يريد أن يؤدي شكر هذه النعمة، شكر قبول التوبة "فقلت: يا رسول الله إن من توبتي" يعني جزء من توبتي، أو للدلالة والبرهان على صدق توبتي أو لشكر الله -جل وعلا- على هذه التوبة التي قبلها "أن أنخلع من مالي" يعني كل ماله "من مالي صدقة إلى الله وإلى رسوله" يجعله النبي -عليه الصلاة والسلام- كيفما شاء "فقال -عليه الصلاة والسلام-: ((أمسك عليك بعض مالك فهو خير لك)) " كعب بن مالك أراد أن يتصدق فجاء يذكر ذلك للنبي -عليه الصلاة والسلام- "إن من توبتي أن أنخلع" ما قال: انخلعت وانتهيت، أن أنخلع، فكأنه جاء يستشير النبي -عليه الصلاة والسلام- فقال له: ((أمسك عليك بعض مالك)) التصدق والخروج من المال بالكلية، أراد سعد بن أبي وقاص أن يتصدق بماله لما مرض وليس له إلا ابنة واحدة، فقال له النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((إنك إن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس)) على كل حال أبو بكر تصدق بجميع ماله، والذي أعتق العبد ليس له مال غيره باعه النبي -عليه الصلاة والسلام- وأعطاه قيمته، فلا شك أن الناس يتفاوتون، الناس منازل، فمن كانت منزلته بحيث يقوى على الخروج من جميع ماله، ويعتمد على الله في مستقبل حياته، ويتوكل عليه، ويصبر عن الشكوى، وعن سؤال الناس، وعن تكفف الناس عنده من اليقين والتوكل ما يعينه على ذلك، نقول: هذا مثل أبي بكر، لكن الذي حالته أقل من هذا، يبي يتصدق بجميع ماله ثم يا مسلمين، يا محسنين، أو يبي يتحدث بالمجالس أنا والله تصدقت، أنا فعلت، لا يا أخي لا تتصدق، خل مالك لك، أقول: فالناس يتفاوتون، فمن كان عنده من اليقين وصدق الاعتماد على الله -جل وعلا- والصبر عليه ما يعينه على الصبر فهذا حاله مثل حال أبي بكر، أجاز له العلماء أن يتصدق بجميع ماله، لكن إذا كانت حاله لا تقوى على مثل هذا، فمثل هذا يمسك عليه بعض ماله، مع أن الإمساك هو الأفضل بالنسبة لسائر الناس؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- أوصى كعب بن مالك، ووجه غيره أن لا يتصدق بجميع ماله فيبقى هو ومن وراءه عالة على الناس، يبقى أنه إذا تصدق بجميع ماله في مرضه