لما أنهى الكلام عن الأطعمة، وهي من أعظم ما يمتن به الرب -جل وعلا- على عباده، وأردفها بالأشربة، وثلث باللباس، وهي من أعظم النعم التي أنعم الله بها على العباد {يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ} [(٢٦) سورة الأعراف] يعني تصور أن الناس يمشون بدون لباس، الناس يمشون عراة، من أعظم النعم على الخلق هذا اللباس الذي يواري السوءات؛ لأن ظهورها يسوء الإنسان، فسترها نعمة من نعم الله -جل وعلا-، يجب شكر المنعم عليها كالطعام والشراب، وعلى هذا لا تستعمل على خلاف أمر الله وأمر رسوله -عليه الصلاة والسلام-، ولذلك أردفت الآية، الامتنان أردف بقوله:{وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ} [(٢٦) سورة الأعراف] يعني ما يكفي أن تكتسي لباس تستر عورتك وسوءتك بهذه النعمة من الله -جل وعلا- وتتجرد عن شكرها، لا بد من شكر هذه النعم، وشكرها باستعمالها على الوجه المأمور به، بأن تكون مباحة طاهرة بالضوابط والحدود الشرعية، واللباس هو مشترك بين الرجال والنساء، ومع الأسف الشديد أن نجد المخالفات من الرجال ومن النساء، الرجال يلبسون ما حرم الله عليهم من حرير وغيره ويسبلون، ويلبسون الثياب التي تبين عن سوءاتهم أحياناً وتظهرها، وكل هذا لا يجوز، والنساء الأمر فيهن أشد؛ لأن الستر مطلوب منهن أكثر، الستر مطلوب من الرجال، عورة الرجل لا يجوز أن يطلع عليها أحد إلا زوجته، أو ما ملكت يمينه، مطلوب منه الستر، لا يجوز له بحال أن يكشف عورته، والمرأة كذلك بل أشد؛ لأن الافتتان بها أعظم، وعورة الرجل معروفة عند أهل العلم، محددة من السرة إلى الركبة، وستر هذا شرط في الصلاة، ويجب ستر المنكبين أيضاً في الصلاة ((لا يصل أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء)) يجب لكن الصلاة صحيحة مع الإثم، بينما العورة سترها شرط لصحة الصلاة، المرأة عورتها في الصلاة جميع بدنها إلا الوجه، ومنهم من يستثني الكفين، ومنهم من يستثني القدمين، على كل حال الأطراف محل خلاف بين أهل العلم، لكن ما عدا ذلك لا، محل إجماع هذا في الصلاة، وعند الرجال الأجانب معروف عورتها لا يجوز لها أن تبدي شيء من بدنها البتة، عند الرجال الأجانب