للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

((من أجر أو غنيمة)) الذي لم يغنم شيئاً لا شك أن أجره كامل موفور، خرج للجهاد في سبيل الله، لإعلاء كلمة الله، ثم رجع كما خرج، دون أن يغنم شيئاً، وهو مخلص لله -جل وعلا- مثل هذا أجره كامل، لكن افترض المسألة في شخص يعني في اثنين زيد وعمرو خرجا للجهاد بنية خالصة لله -جل وعلا-، وكل منهما صار له أثر في الجهاد، وأبلى في الجهاد بلاءً حسناً ثم رجعا، هذا قتل شخص ليس معه سلب، وآخر قتل شخصاً معه سلب، هذا الذي قتل شخص لا سلب له رجع بدون غنيمة، وذاك رجع بشيء من المال هل يكون الأجر واحد؟ نعم، لا شك أن الدنيا ضرة، ضرة بالنسبة للآخرة، من تعجل شيئاً كوفئ به في الدنيا لا شك أنه ينقص أجره، ولا شك أن الذين ماتوا قبل أن تفتح وتبسط الدنيا على الصحابة هؤلاء موفور أجرهم، ومنهم كما في الحديث الصحيح مصعب بن عمير كفن في .. ، في إيش؟ نعم، كفن في برد له قصير إن غطي رأسه بدت رجلاه، وإن غطيت رجلاه بدا رأسه، هؤلاء ما استوفوا شيئاً من أمور الدنيا، بينما الذين تخلفوا بعدهم بسطت الدنيا وتوسعوا فيها، لا شك أن ما تعطاه من خير مكافئة على عملك، وما ينالك من شر ومصائب في الدنيا أيضاً تكفير لذنوبك، فالدنيا سجال، وهي ابتلاء {وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً} [(٣٥) سورة الأنبياء] يبتلى الإنسان بالخير كما يبتلى بالشر، فلما أكل النبي -عليه الصلاة والسلام- من اللحم بعد أن كان جائعاً هو وأصحابه أكل وشبع، ماذا قال؟ ((والله لتسألن يومئذ عن النعيم)) لتسألن عن هذا النعيم، فالنعيم يسأل عنه الإنسان، وعلى هذا له أثر على ما يكسبه من حسنات؛ لأنها مكافئة له على صنيعة، فكون الإنسان لا يكافئ بشيء من هذه الدنيا يوفر له أجره، ومن يكافئ بشيء من هذه الدنيا ينقص أجره، وافترض المسألة في شخص يعلم الناس، يقضي بين الناس، يؤم الناس، يشغل منصب ديني مجاناً، يأمر وينهى مجاناً، وآخر بأجرة، الثواب واحد؟ لا، هذا له أجره، وذاك له أجره على قدر نيته وله أجرته، فلا شك أن الرجوع بشيء من المغنم ينقص من الأجر الموفور بالنسبة لمن لم يحصل على شيء من المغانم.