الجماعة مأخوذة من الاجتماع، فلا بد أن تكون من أكثر من واحد، وأقلها اثنان، فضل الجماعة جاءت به النصوص التي يذكر المؤلف منها ما يذكر، وترك الشيء الكثير، الجماعة على الرجال الذكور الأحرار البالغين واجبة، يأثم القادر على إتيانها بعدم ذلك، فواجبة على الأعيان، على كل شخص بعينه، هذا الذي ذكره المؤلف في الترجمة، ويرى بعضهم وهو مذهب أهل الظاهر أن الجماعة شرط لصحة الصلاة، فلو صلى الرجل في بيته مع قدرته على إتيان الجماعة لا تصح صلاته، لهذا يقول أهل الظاهر: وهو رواية عن أحمد يرجحها شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى-، مما يستدلون به الحديث المشهور:((لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد)) أدلة الوجوب منها ما ذكره المؤلف في هذا الباب، ومنها ما جاء في حديث ابن أم مكتوم وهو رجل معذور أعمى، بينه وبين المسجد مفاوز وأودية وهوام وهو أعمى، رخص له النبي -عليه الصلاة والسلام- في أول الأمر فلما انصرف دعاه، قال:((أتسمع النداء؟ )) قال: نعم، قال:((أجب لا أجد لك رخصة)) ومن أدلة وجوبها {وَارْكَعُواْ مَعَ الرَّاكِعِينَ} [(٤٣) سورة البقرة] ومنها أيضاً مشروعية صلاة الخوف، والتنازل عن بعض الواجبات، بل حصول ما يبطل الصلاة من أجل المحافظة على الجماعة، ولولا وجوب الجماعة ما حصل هذا الخلل، ما أقر شرعاً هذا الخلل في صلاة الخوف، ولا شك أن الجماعة بأدلتها الظاهرة المتضافرة أقل ما يقال فيها الوجوب، فيأثم بتركها من استطاع الإتيان إليها، منهم من يقول: إنها فرض كفاية، هذا قول معروف عند الشافعية؛ لأنها شعار للدين فلا بد أن يكون موجوداً، ولأجله شرع الأذان، والنبي -عليه الصلاة والسلام- إذا أراد غزو بلد أو قوم انتظر، سمع أذان يكف وإلا أغار -عليه الصلاة والسلام-، فإذا كانت مجرد شعار فالشعار يسقط بقيام البعض هذا قول الشافعية، والحنفية والمالكية يقولون: سنة مؤكدة لا يأثم بتركها، ويتمسكون بمثل ما جاء في هذا الباب من حديث عبد الله بن عمر وحديث أبي هريرة.