للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

((أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر)) صلاة العشاء معروف أنها تعقب الأعمال والأتعاب والكد، وتقع في ظلام بحيث يأمن من رؤية الناس، وصلاة الفجر كذلك؛ لأنها تقع في آخر الليل بعد أن يطيب الجو في الصيف، ويدفأ الإنسان في الشتاء، لا شك أنها ثقيلة.

((ولو يعلمون ما فيهما)) لو يعلم المنافقون ما في هاتين الصلاتين، ما فيهما من الأجر والثواب ((لأتوهما ولو حبواً)) يعني على اليدين والركبتين ((ولقد هممت)) الواو هذه واو القسم، واللام موطئة لقسم محذوف تقديره: والله لقد هممت، (لقد) هذه حرف تحقيق، واللام موطئة لقسم محذوف، و (قد) حرف تحقيق و (هممت) الهم مرتبة من مراتب القصد، مراتب القصد خمسة: الخاطر والهاجس حديث النفس الهم العزم.

مراتب القصد خمس خاطر ذكروا ... يليه هم فعزم كلها رفعت

فهاجس فحديث النفس فاستمعا ... إلا الأخير ففيه الإثم قد وقعا

يعني الهم والعزم، عندنا الهم ما بعده من المراتب إلا العزم، ولا يلي العزم إلا التنفيذ، أما ما قبله من الهاجس والخاطر هذه مجرد تعرض وتزول للنفس وتنقضي بسرعة، حديث النفس الذي يتردد ويتكرر من غير هم مع فعل هذا معفو عنه، ما لم يتكلم الإنسان أو يعمل، الهم درجة بعد ذلك، مرتبة متقدمة بالنسبة إلى المخلوقين حتى لو هم بالأمر ما يؤاخذ عليه، لكن إذا عزم عليه يؤاخذ، كلها رفعت يعني رفع الأثر المترتب عليها، إلا الأخير الذي هو العزم، ففيه الإثم قد وقعا ((إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار)) قيل: يا رسول الله هذا القاتل فما بال المقتول؟ قال: ((لأنه كان حريصاً على قتل صاحبه)) عازم على قتل صاحبه، والهم النبي لا يهم عموماً، ونبينا -عليه الصلاة والسلام- لا يهم إلا بما يجوز له فعله، ومن هنا اكتسب الشرعية، واكتسب الحجية، كونه -عليه الصلاة والسلام- لا يهم إلا بما يجوز له فعله، إذاً يجوز له أن يحرق على المتخلفين بيوتهم، يجوز له ذلك، فإذا جاز له ذلك لا بد أنهم لأنهم تركوا أمراً عظيماً واجباً، إذ لا يحرق من يترك السنة.