والأذان إذا تأملنا في جمله من التكبير في أوله والاعتراف والإقرار بالشهادتين، والدعاء إلى الصلاة بلفظها، وبما تحتويه من فلاح، وتكرار هذا التكبير، ثم الختم بكلمة التوحيد كلمة الإخلاص، وجدناه مشتمل على مسائل الاعتقاد وتعظيم الله -جل وعلا-، والاعتراف له والإذعان والشهادة بصدق نبوته -عليه الصلاة والسلام-، ففيه إثبات للتوحيد، ونفي للشرك بالألفاظ، وأصل المشروعية إنما هي من أجل اجتماع الناس للصلاة، وفي أول الأمر ما كان عندهم شيء إنما يتحينون الصلاة فيجتمعون، فجاءت الاقتراحات، أراد النبي -عليه الصلاة والسلام- أن يوجد شيء يجمعهم للصلاة، فاقترح بعضهم أن يتخذ ناقوس مثل ناقوس النصارى، قال بعضهم: بوق مثل بوق اليهود، رفض النبي -عليه الصلاة والسلام- لأن المشابهة ممنوعة، قال بعضهم: نتخذ ناراً، قال: ذاك للمجوس، ولم يتفقوا على شيء، فرأى عبد الله بن زيد بن عبد ربه في المنام قال: طاف بي وأنا نائم رجل أو طائف بيده ناقوس فقلت له: يا عبد الله أتبيع الناقوس؟ فقال: وما تريد به؟ قلت: نجمع عليه الناس للصلاة، قال: ألا أدلك على خير من ذلك، تقول: الله أكبر، الله أكبر ... إلى آخره، وعلمه الأذان، بتربيع التكبير من غير ترجيع، هذا أذان عبد الله بن زيد بن عبد ربه، فلما أصبح قص الرؤيا على النبي -عليه الصلاة والسلام- فقال:((ألقه على بلال)) ثم جاء عمر وبين أنه رأى هذه الرؤيا، المقصود أنها رؤيا حق، اكتسبت الشرعية من إقراره -عليه الصلاة والسلام-، هذا ابتداء مشروعية التأذين للصلاة، يقول في الحديث: