يأتون وقد وهنتهم الحمى، ارتفعت العلة، فهل ارتفع الحكم معها؟ ارتفع وإلا بقي؟ بقي بدليل أن النبي -عليه الصلاة والسلام- رمل في حجة الوداع وما في أحد، واستوعب الشوط بالرمل، فارتفعت العلة وبقي الحكم، فهل نقول هنا: ارتفعت العلة وبقي الحكم؟ أو نقول: يرتفع الحكم بارتفاع العلة؟ لا سيما وأن ارتفاع العلة ليس هو مجرد ارتفاع، ارتفاع العلة هنا ما هو ضد العلة وهو ضعف الصوت، ارتفاع العلة لزم منه ثبوت ضد العلة وهو خفض الصوت، الحنابلة ينقلون عن الإمام أحمد أنه قال: لا يدور المؤذن إلا إذا كان على منارة يقصد إسماع أهل الجهتين، القصر، قصر الصلاة في السفر إنما شرع لعلة وهو الخوف {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُواْ مِنَ الصَّلاَةِ إِنْ خِفْتُمْ} [(١٠١) سورة النساء] ارتفعت العلة التي هي الخوف، وبقي الحكم معلق بوصف لا بد من تحققه، وهو السفر والضرب في الأرض، ماذا نقول؟ هل المؤذنين يلتفتون وإلا ما يلتفتون؟ الآن الوصف ارتفع، هذه مسألة عملية، وكل بحاجة إليها، فهل نقول للمؤذن: التفت يميناً وشمالاً مهما ترتب على ذلك من أثر؟ أو نقول: العلة ارتفعت ومثل ما قال الإمام أحمد: إذا ما يكون في منارة لا يلتفت؟ يلتفت وإلا ما يلتفت؟ نعم لشيء مأثور وموروث برؤية النبي -عليه الصلاة والسلام- وإقراره في عبادة، من السهل جداً أن نقول: لا يلتفت وبلال يلتفت بين يديه، يعني هل مجرد إسماع من على اليمين ومن على الشمال يستقل بالتعليل أو لا يستقل؟ يمكن هناك علل أخرى، حكم ومصالح أخرى، فإذا كانت العلة مركبة من أجزاء لا يرتفع الحكم إلا بارتفاع جميع الأجزاء، لكن هذه أظهر الوجوه، كونه ما يظهر للناس إلا أنه يريد أن يسمع من على يمينه ومن على شماله، الخلاصة على كل حال إذا أمكن أن يحقق العلة ويطبق الفعل، إذا أمكن تحقيق العلة مع تطبيق الفعل فهذا الأمر لا يرتفع الحكم معه، فإذا كان المؤذن بيده المكبر ويدور به معه، مثل هذا يلتفت يميناً وشمالاً، وأما إذا ترتب عليه ضعف في الصوت فمن اقتدى والتفت يميناً وشمالاً ولو ضعف صوته فهو على الأصل، ومن قال بقول جمع من أهل العلم: إن الحكم يرتفع بارتفاع علته فله ذلك، لكن يبقى أن من اقتدى وتمام