للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

به القرينة، كون هذا الرجل يأتي إلى جماعة من الناس رافعاً صوته؛ لأن الشخص الذي يريد أن يكذب أو يلبس ما يشهر كلامه، ويرفع صوته بين الناس، لكن مثل هذا الذي جاء رافعاً صوته: أيها المسلمون أيها الناس ألا أن القبلة قد حولت، ويقبلون خبره، لا شك أن هذه قرينة تدل على صدقه، إضافة إلى أن الأصل في الصحابة الضبط والإتقان والصدق، هؤلاء انتقلوا من قبلة مقطوع بها إلى قبلة احتفت القرينة بخبر المخبر حتى صار خبره مقطوعاً به، فانتقلوا من مقطوع إلى مقطوع، هذا بالنسبة لهم، الأمر الثاني: أن ما صلوه قبل بلوغهم الناسخ صحيح وإلا ليس بصحيح؟ صحيح بدليل أنهم لم يستأنفوا الصلاة، كملوا، نصف الصلاة إلى جهة بيت المقدس، والنصف الثاني إلى الكعبة، فمن عمل بخبر عن الله أو عن رسوله عمل به قبل بلوغه ما ينسخه، أو قبل بلوغه ما يخصه، أو قبل بلوغه ما يقيده فعمله صحيح، لكن لا بد أن يكون من أهل العلم، ما يجي واحد بلغه خبر منسوخ والناسخ مستفيض ومعروف بين العلماء وطلاب العلم وكتب العلم منتشر ومستفيض ويعمل بالمنسوخ، لا، لا بد أن يكون من أهل النظر، أما من لم يكن من أهل النظر ليس له أن يعمل حتى يسأل أهل العلم، يبقى أن مثل هذا العمل بالناسخ أو بالمنسوخ قبل بلوغ الناسخ، العمل بالعام قبل وجود المخصص، والمطلق قبل وجود المقيد، هذا قول جماهير أهل العلم، وقد أحسن من انتهى إلى ما سمع، هذا الذي بلغهم، هؤلاء صح أول صلاتهم عملاً بالمنسوخ؛ لأنه لم يبلغهم الناسخ {لأُنذِرَكُم بِهِ وَمَن بَلَغَ} [(١٩) سورة الأنعام] أما من لم يبلغه الخبر فلا يلزمه العمل به.