رواية الجزم ويؤديه رواية مسلم:((لا يغتسل أحدكم في الماء الدائم وهو جنب)) تدل على تحريم البول وحده، وتحريم الاغتسال وحده، رواية رفع الفعل ((ثم يغتسلُ)) لا بد من تقدير ثم هو يغتسل فيه، يكون مآله بعد البول أن يغتسل فيه، يعني يحتاج إليه فيغتسل فيه، ومثله حديث:((لا يضرب أحدكم امرأته ضرب الأمة ثم يضاجعها)) يعني يضطر إلى مضاجعتها فيضاجعها، وهنا يضطر إلى استعمال الماء فيستعمله، فيكون من باب عطف الجملة على الجملة، لا الفعل على الفعل، ليس الفعل على الفعل، ثم هو يغتسل فيه.
عطف الاغتسال على البول وإفراد الاغتسال في بعض الروايات، عرفنا أن النهي عن البول لأنه ينجسه، طيب ماذا عن الاغتسال؟ الاغتسال لا شك أنه يقذره، يعني أنت إذا احتجت إلى أن تشرب، أو احتجت إلى أن تأخذ ماءً تطبخ فيه طعامك، ورأيت شخص يغتسل ما تقدم عليه، تستقذر هذا الماء، فهو يقذره على غيره، هذا الاغتسال.
الحنفية عندهم قول في مذهبهم: أن الاغتسال ينجس الماء ولو لم يبل فيه، ليش؟ لأنه قرن بالبول، فإذا نهي عن البول لأنه ينجس نهي عن الاغتسال لأنه ينجس أيضاً، كما هو الحاصل في الروايتين، لكن هذا أخذ بدلالة الاقتران، ودلالة الاقتران ضعيفة عند أهل العلم.
الصواب البول إن كان له أثر في الماء أنه ينجس، إن لم يكن له أثر على مذهب الإمام مالك واختيار شيخ الإسلام فإنه لا ينجس، على مذهب الشافعية والحنابلة إن كان دون القلتين له حكم، وإن كان قلتان فأكثر فله حكم، على ما سبق تفصيله.
بعض من يسلك أو يقرب مذهبه من مذهب أهل الظاهر يقول: يحتاج إلى الماء يغتسل، كيف يصنع؟ شخص جنب عنده ماء دائم، راكد، يقول: يتحايل عليه، إيش يسوي فيه؟ نعم؟ كلام أبي هريرة ماذا يصنع يا أبا هريرة؟ قال:"يتناوله تناولاً" نعم عندك ((ثم يغتسل فيه)) تدل على التناول، أنه لا مانع من أن يأخذ منه، لكن بعض الروايات:((ثم يغتسل منه)) هذا إذا بال فيه، أبو هريرة يقول:"يتناوله تناولاً".