يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "عن عبد الله بن عمرو بن العاص عن أبي بكر الصديق -رضي الله تعالى عنه- أنه قال لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-: علمني دعاء أدعو به في صلاتي" يطلب من النبي أن يخبره بما ينبغي أن يختاره لنفسه من الدعاء؛ لأنه أمر بأن يتخير من المسألة ما شاء، فكونه يعتمد على ما يختاره له المعصوم أفضل مما يختاره لنفسه -رضي الله عنه وأرضاه-، فطلب من النبي -عليه الصلاة والسلام- أن يعلمه دعاء يدعو به في صلاته، وأداه إلى غيره، فرواه عنه عبد الله بن عمرو بن العاص؛ وتناقلته الأمة؛ لأن مثل هذا مما ينبغي أن يشاع، ولذا من تمام النصيحة لطالب العلم أنه إذا ضفر بفائدة يخبر بها أقرانه وزملاءه ومن يحتاجه، ما قال: علمني دعاء أدعو به في الصلاة، قال: فرصة هذه خاصة لي من دون الناس، ما الذي يميزني وأنا أفضل الأمة؟ أدع هذا يميزني عن الناس، لا، مثل هذا لا يمر بخواطرهم، ولا يجول في أفكارهم وأذهانهم "قال: ((قل: اللهم إني ظلمت نفسي ظلماً كثيراً)) " هذا الصديق أفضل الأمة بعد نبيه ظلم نفسه ظلماً كثيراً، الذين يتقلبون في المظالم ليل نهار، بل بعدد الأنفاس، تجد الواحد عند نفسه شيء، ولا شك أن الناس يتفاوتون في هذا الباب، يعني بين الذي يتعبد سبعين سنة ولا يسأل الله الجنة، يقول: يكفني أن ينجيني من النار، وبين من يجلس يتقدم إلى الصلاة ربع ساعة، أو نصف ساعة، أو يجلس بعد الصلاة ربع ساعة يقرأ القرآن، فإذا حُرك الباب انتظر التسليم {إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى} [(٤) سورة الليل] فهذا أبو بكر أفضل الأمة بعد نبيها يقول له النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((قل: اللهم إني ظلمت نفسي ظلماً كثيراً)) هذا يدعو الإنسان إلى أن يعرف حقيقة نفسه، ولا يعجب بعمله، إذا كان هذا خير الأمة ظلم نفسه ظلماً كثيراً، فكيف بمن دونه؟!