للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

"ثم أدخل يده في التور" بعد أن غسلهما ثلاثاً، أدخل يده في التور "فمضمض واستنشق واستنثر ثلاثاً بثلاث غرفات" يعني كل غرفة مشتملة على مضمضة واستنشاق، يتمضمض ويستنشق من كف واحدة، ثم يكرر ذلك ثلاثاً، الثانية ثم الثالثة، هذا أقوى ما جاء في صفة المضمضة والاستنشاق، وجاء أنه يتمضمض ويستنشق ثلاثاً ثلاثاً من كف واحدة، وجاء أنه تمضمض من كف واحدة، واستنشق من كف واحدة، فعلى هذا يكون من كفين، كف للمضمضة ثلاثاً، وكف للاستنشاق ثلاثاً، وتمام الصور أن يستنشق يتمضمض بكف ويستنشق بكف، فتكون ست غرفات، فهذه هي الصور المتصور في مثل هذا، يتمضمض ويستنشق من كف واحدة بثلاثة أكف، ثلاث غرفات، هذا أقوى ما يروى في هذا الباب، الصورة الثانية: أن يتمضمض ثلاثاً من كف واحدة، ويستنشق ثلاثاً من كف واحدة، فيكون فعله من كفين بدل ثلاثة، أن يتمضمض الثلاث ويستنشق الثلاث بكف واحدة، لكن قد لا يتصور هذا بالنسبة لأكف أوسط الناس، الصورة الأخيرة أن يتمضمض ويستنشق من ستة أكف، وأقواها ما جاء في هذا الحديث "فتمضمض واستنشق واستنثر ثلاثاً، بثلاث غرفات" وجاء الأمر بالمضمضة: ((إذا توضأت فمضمض)) وجاء الأمر بالاستنشاق: ((فليجعل في منخريه من الماء)) فليستنشق، وليستنثر، المقصود أن المضمضة والاستنشاق مأمور بهما، وفعلهما النبي -عليه الصلاة والسلام- بياناً للوضوء الواجب، ولذا يقول الحنابلة بوجوب المضمضة والاستنشاق في الطهارتين الكبرى والصغرى، وقال بعضهم باستحبابهما، وفرق بعضهم بين الكبرى والصغرى، فأوجبهما في الغسل دون الوضوء، ومنهم من فرق بين المضمضة والاستنشاق، فأوجب الاستنشاق؛ لأن ما ورد فيه أكثر مما ورد في المضمضة، وعلى كل حال مقتضى الأمر الوجوب، لكن من نسي أو لم يتمضمض على الوجه المطلوب شرعاً، أو أخل بالاستنشاق أو بكيفيته لا يؤمر بإعادة الوضوء؛ لأن الخلاف قوي، وقد جاء في الحديث: ((توضأ كما أمرك الله)) الطرف الآخر الذي لا يوجب المضمضة والاستنشاق أن يقول: ليس فيما أمرني الله -جل وعلا- المضمضة والاستنشاق، فالذي في الآية: {فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ} [(٦) سورة المائدة] والوجه ما تحصل به المواجهة، وليس الأنف والفم مما تحصل به المواجهة،