للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

"قال: ((وما ذاك؟ )) قالوا: يصلون كما نصلي، ويصومون كما نصوم، ويتصدقون ولا نتصدق، ويعتقون ولا نعتق" فالعبادات التي نفعها قاصر يشترك فيها الأغنياء والفقراء، العبادات البدنية من صلاة وصيام يشتركون فيها، يشترك فيها الغني والفقير، لكن الصدقة والعتق من خواص الأغنياء، الفقير لا يجد ما يتصدق به، ولا يجد ما يعتق به "فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أفلا أعلمكم شيئاً تدركون به من سبقكم؟ )) " هؤلاء الأغنياء سبقوهم بمزيد الأعمال، فأخبرهم النبي -عليه الصلاة والسلام- بأمر قد يسبقون به من الأغنياء، ويسبقون به من بعدهم، يدركون به من سبق؛ ليكون في مقابل الإنفاق، فيدركون، يعني لو افترضنا المسألة حسية، إذا كان مثل العبادات البدنية مع المالية توصل إلى مسافة معينة، قل مثلاً: مائة كيلو، والعبادات البدنية توصل إلى النصف من ذلك، مثلاً إلى الخمسين، أراد النبي أن يخبرهم بأعمال تكمل لهم هذا النقص، فيدركون به من سبقهم، فوصل إلى المائة، ويسبقون به من بعدهم ممن لم يفعل كفعلهم.

" ((ولا يكون أحد أفضل منكم إلا من صنع مثلما صنعتم)) لأن الفضل ليس للذوات، إنما هو للأفعال "قالوا: بلى يا رسول الله، قال: ((تسبحون وتكبرون وتحمدون دبر كل صلاة ثلاثاً وثلاثين)) " مفهوم اللفظ هذا أنه يجتمع من الجميع ثلاثاً وثلاثين، تسبحون إحدى عشرة، وتكبرون إحدى عشرة، وتحمدون إحدى عشرة، فيجتمع من الجميع ثلاثاً وثلاثين.

"قال أبو صالح: فرجع فقراء المهاجرين فقالوا: يا رسول الله سمع إخواننا أهل الأموال بما فعلنا ففعلوا مثله" يعني هل هذا من باب الغيرة المذمومة والحسد المذموم؟ يعني يتمنون أن الأغنياء ما سمعوا شيء؛ لئلا يتقدمون عليهم مرة ثانية؟ لا، هذا من الغبطة، بل يريدون من النبي -عليه الصلاة والسلام- أن يخبرهم بشيء يسددون به هذا النقص، فهم يبحثون عما ينفعهم، ليس بحثهم عما يضر غيرهم.