يعني فسر ما تقدم ذكره من إطالة التحجيل بأنه كاد يبلغ المنكبين، المنكب هنا مجتمع رأس العظم مع الكتف، ثم غسل رجليه حتى رفع إلى الساقين، هذا فهم من أبي هريرة أنه ما دام أمة محمد يبعثون غراً محجلين لماذا لا نزيد في التحجيل والغرة؟ يعني هذا أمر مطلوب ومحبوب، فلماذا لا نزيد؟ نقول: لا، لا نزيد، بل نقف على ما جاءنا عن المعصوم -عليه الصلاة والسلام-.
ثم قال:"سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول:((إن أمتي يدعون يوم القيامة غراً محجلين من آثار الوضوء، فمن استطاع منكم أن يطيل غرته وتحجيله فليفعل)).
وعرفنا أن الحفاظ حكموا بأن هذا مدرج من قول أبي هريرة.
"وفي لفظ لمسلم: "سمعت خليلي -صلى الله عليه وسلم- يقول:((تبلغ الحلية من المؤمن حيث يبلغ الوضوء)).
ويريد بذلك أن يزيد لكي تكون حليته أكثر,
"سمعت خليلي" الرسول -عليه الصلاة والسلام- يقول:((لو كنت متخذاً خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً، ولكن صاحبكم خليل الله)) وهنا جاء بجزأين ((لو كنت متخذاً)) هنا يقول: "سمعت خليلي -صلى الله عليه وسلم-"، والرسول -عليه الصلاة والسلام- ينفي هذه الخلة ((لو كنت متخذاً خليلاً لاتخذت أبا بكر)) فأهل العلم يقولون: المنفي والممنوع كونه -عليه الصلاة والسلام- يتخذ أحداً من الناس خليلاً، أما كونه يتخذ خليل يحب من قبل بعض المسلمين نهاية المحبة وخالص المحبة، ما في مانع، الخلة غاية المحبة ونهايتها، يعني المحبة اللائقة بالبشر، أما ما زاد على ذلك مما هو من خصائص الرب -جل علا- فلا، فكون النبي -عليه الصلاة والسلام- يتخذ غيره خليلاً هذا هو الممنوع؛ لأنه خليل الله، أما كون غيره يتخذه خليلاً فلا بأس، ولذا قال: "سمعت خليلي -صلى الله عليه وسلم- يقول:((تبلغ الحلية)) يعني يوم القيامة، {يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ} [(٢٣) سورة الحج] ((تبلغ الحلية من المؤمن حيث يبلغ الوضوء)) فيزاد على المشروع لكي تزيد هذه الحلية، هذا مفهومه.