عن عبد الله بن عمر بن الخطاب -رضي الله عنهما- قال: صلى بنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صلاة الخوف في بعض أيامه التي لقي فيها العدو، فقامت طائفة معه، وطائفة بإزاء العدو، فصلى بالذين معه ركعة ثم ذهبوا، وجاء الآخرون فصلى بهم ركعة، وقضت الطائفتان ركعة ركعة.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: صلاة الخوف
والخوف الفزع والإشفاق من أمر متوقع، فإذا خُشي ضرر شيء وجد الخوف.
الحديث الأول:
"عن عبد الله بن عمر بن الخطاب -رضي الله عنهما- قال: صلى بنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صلاة الخوف في بعض أيامه التي لقي فيها العدو" وهذه كانت الصلاة بعسفان بين مكة والمدينة "في بعض أيامه التي لقي فيها العدو، فقامت طائفة معه، وطائفة بإزاء العدو" صلاة الخوف إذا وجد سببها شرعت، خلافاً لأبي يوسف الذي يقول: إنها مرتبطة بوجود النبي -عليه الصلاة والسلام-؛ لقوله -جل وعلا-: {وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ} [(١٠٢) سورة النساء] فالتنصيص على وجوده في الآية يدل على اختصاصه بها، ويؤيد ذلك من جهة المعنى أن الصلاة خلف النبي -عليه الصلاة والسلام- هي التي لها الميزة دون غيره، فلا مانع من أن يُتخذ أكثر من إمام، إذ لا ميزة لغيره، وميزته -عليه الصلاة والسلام- تجعل ذلك من خصائصه.
وجمهور أهل العلم على أنها له ولغيره من بعده، وقد فعلها الصحابة -رضوان الله عليهم- من بعده, وهي مشروعة في السفر والحضر.
قد يقول قائل: النبي -عليه الصلاة والسلام- في غزوة الخندق ما صلى صلاة الخوف، أخر الصلوات إلى أن غربت الشمس، وما صلى صلاة الخوف، وبهذا يستدل من يقول: إن صلاة الخوف لا تفعل في الحضر، وإنما تفعل في السفر، وهذا بناء على أن غزوة ذات الرقاع قبل الخندق، وإلا على القول بأن غزوة الخندق متقدمة على غزوة ذات الرقاع كما يقول الإمام البخاري، ويرجحه ابن القيم، وأن ذات الرقاع بعد خيبر في السنة السابعة حينئذٍ يكون لا إشكال، يكون تأخيره للصلوات منسوخ، تصلى صلاة الخوف حتى في الحضر.