للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

((واتق دعوة المظلوم)) لأنك إذا أخذت كرائم الأموال ظلمت الغني، وإذا أخذت أراذل الأموال ظلمت الفقير، فأنت ظالم في الحالين ((فاتق دعوة المظلوم، فإنه ليس بينها وبين الله حجاب)) نسأل الله العافية، فالذي يأخذ الكرائم ظالم لصاحب المال، والذي يأخذ الأردأ والأرذل ظالم للفقراء، وهو معرض نفسه لقبول الدعوة عليه، فعلى هذا يجب على الساعي أن يتحرى أوساط المال، فلا يظلم المتصدق، ولا يظلم الفقير، وبهذا يتقي دعوة المظلوم التي ليس بينها وبين الله حجاب؛ لأنها مقبولة، ليس لها صارف يصرفها، ولا مانع يمنعها، أحياناً تأتي جملة لها ارتباط وثيق بالجملة التي بعدها، ومثال ذلك ما عندنا؛ لأنه قد يقول قائل: الجمل متعاطفة، يعني لا ارتباط لبعضها ببعض، لا، فيه إشارة إلى أن من تعدى ما ذكر فهو ظالم، ومستحق لإجابة الدعوة عليه {الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاء الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} [(٢٥) سورة الحج] هذا البيت يستوي فيه العاكف المقيم فيه والبادي الأعرابي الذي يأتي يؤدي فريضة ويرجع، في فرق بينهم؟ نقول: والله هذا من عمار المسجد الحرام، قم يا أيها الأعرابي أنت ماجيت إلا هذا الفرض صل بأي مكان، هذا جالس بالحرم ليل نهار أحق منك بهذا المكان، ممكن؟ لا هذا المكان يستوي فيه العاكف والبادي، الطارئ الذي يريد يصلي فرض واحد ويمشي، ما في فرق، يعني لو تقدم إلى المكان الذي خلف الإمام هو أحق به، من هذا الذي سكان فيه، أربعة وعشرين ساعة، ويصلي فيه السنوات الطوال {الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاء} هم فيه سواسية {وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} [(٢٥) سورة الحج] وهذا له ارتباط بالجملة التي قبله، مثل الارتباط الذي عندنا، فدل على أن الذي يعتدي على من يتقدمه إلى أي مكان يقول: أنا أحق به، أنا مقيم في الحرم، نقول: لا يا أخي، هذا ظلم، هذا إلحاد في الحرم، ولذا فحجز الأماكن في المسجد الحرام لا يجوز، حجز الأماكن لا يجوز، وداخل في هذا التحذير، وفي هذا التشديد، إلحاد في الحرم، ليس معنى أن كل إلحاد خروج من الدين، لا،