"عن عبد الله بن زيد بن عاصم" المازني، وهذا راوي حديث الوضوء وغير عبد الله بن زيد بن عبد ربه راوي حديث الأذان، وإن زعم بعضهم أنهما واحد، لكن هذا شخص وذاك أخر "-رضي الله عنه- قال: لما أفاء الله على نبيه -صلى الله عليه وسلم- يوم حنين" أي من غنائم، الغنائم التي حصل عليها، حينما قاتل يوم حنين، وكان كانت غنيمة كبيرة جداً من أعظم الغنائم، ستة آلاف نفس سبي، من النساء والأطفال، وأربعة وعشرين ألف من الإبل، وأربعين ألف من الغنم، غنائم كبيرة جداً، ستة آلاف نفس، لما أفاء على نبيه يوم حنين، والفيء هنا يراد به الغنيمة؛ لأن الفيء يطلق على ما لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب، والغنيمة ما تأخذ قهر بالغلبة بالقتال، وهل نقول: إن هذه الغنائم على كثرتها نقصت من أجورهم شيء؟ الغنائم يقرر ابن القيم أنها أطيب المكاسب، أطيب من الزراعة وأطيب من الصناعة على خلاف بين أهل العلم في الأفضل، منهم من يفضل الزراعة مطلقاً، وجاء في فضلها أحاديث، والصناعة مهنة بعض الأنبياء، ومنهم من يقول: رعي الغنم أفضل، ما من نبي إلا رعى الغنم، المقصود أن مثل هذا يختلف فيه أهل العلم، وابن القيم يقرر أن الغنائم أطيب المكاسب؛ لأنها رزق النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ لأنه يقول:((وجعل رزقي تحت ظل رمحي)) وجاء في الحديث الصحيح أن الله -جل وعلا- تكفل لمن خرج في سبيله لا يخرجه إلا الجهاد في سبيله أنه إما أن يقتل شهيداً، أو أن يرجع، أو أرجعه نائل ما نال من أجر أو غنيمة، يعني جعلت الغنيمة في مقابل الأجر، فهل معنى هذا أن الذي يرجع بالغنيمة لا أجر له؟ وجاء في الحديث أن من غزا فلم يغنم كان أجره كاملاً، وإن غنم تعجل ثلثي الأجر، لكن مثل هذا لا يقدح في غزو النبي -عليه الصلاة والسلام-، ولا في صحابته الكرام؛ لأن مثل هذه الأمور وإن كانت مؤثرة على النيات والمقاصد، لكن جاء مدحهم بالنصوص، وأنهم يقاتلون لله، ولإعلاء كلمة الله، وغزوة بدر التي مدح أهلها، واطلع عليهم الله -جل وعلا- وقال:{اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ} [(٤٠) سورة فصلت] غنموا فيها، فلا نقيس غيرهم بهم، لكن قد يقول قائل: نقيس أهل بدر بأنفسهم لو لم يغنموا أيهم أفضل؟ نعم، ما نقيس أهل بدر بمن قاتل