للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

((ولا يتنفس في الإناء)) النبي -عليه الصلاة والسلام- إذا شرب شرب ثلاثاً، يتنفس خارج الإناء؛ لئلا يخرج منه شيء مما يستقذر، وكذلكم النفس له رائحة كريهة، ويحتمل أن يصاحب هذه الرائحة أمور تخفى على الناس، أثبت الطب أن هناك جراثيم لا تدرك بالعين المجردة، تخرج من الإنسان مع النفس فكونه يتنفس خارج الإناء هذا هو المطلوب، والتنفس في الإناء مكروه كراهية شديدة عند أهل العلم؛ لما ثبت فيه من النهي؛ لأنه يقذره، إما على نفسه إن أراد معاودة الشرب، أو على غيره ممن ينتظره ممن يريد الشرب بعده، نعم.

وعن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- قال: مر النبي -صلى الله عليه وسلم- بقبرين فقال: ((إنهما ليعذبان, وما يعذبان في كبير، أما أحدهما: فكان لا يستتر من البول, وأما الآخر: فكان يمشي بالنميمة)) فأخذ جريدة رطبة, فشقها نصفين, فغرز في كل قبر واحدة، فقالوا: يا رسول الله, لم فعلت هذا؟ قال: ((لعله يخفف عنهما ما لم ييبسا)).

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- قال: مر النبي -صلى الله عليه وسلم- بقبرين" ابن عباس يحكي هذه القصة من فعله -عليه الصلاة والسلام- "بقبرين فقال: ((إنهما ليعذبان)) " أطلع النبي -عليه الصلاة والسلام- على حقيقة حالهما وأنهما يعذبان، وأما من عداه -عليه الصلاة والسلام-، لا يدري أحد صاحب القبر هذا منعم أو معذب؟ فالنبي -عليه الصلاة والسلام- لما مر بهذين القبرين أطلع على ما في داخلهما من العذاب.

((إنهما ليعذبان, وما يعذبان في كبير)) وما يعذبان في كبير يعني في نظر الناس؛ لأن الناس يتساهلون في هذا الأمر، ((وما يعذبان في كبير)) يعني على حد زعم الناس ومزاولتهم لهما، فالناس يزاولون هذين الأمرين بينهم من غير نكير في الغالب استخفافاً بهما، مما يدل على أنهما صغيران في نظر الناس، ولذا قال في بعض الروايات: ((وما يعذبان في كبير، بلى إنه كبير)) والنميمة من عظائم الأمور، والنمام يفسد في ساعة ما لا يفسده الساحر.