((فمن كان منكم متحرياً فليتحراها في السبع الأواخر)) وحديث عائشة -رضي الله عنها- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:((تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر)) الوتر ليلة إحدى وعشرين، ليلة ثلاث وعشرين، ليلة خمس وعشرين، ليلة سبع وعشرين، ليلة تسع وعشرين، هذه أوتار العشر، والأشفاع لها ما يدل عليها، ((في تاسعةٍ تبقى، في سابعةٍ تبقى)) ليلة اثنين وعشرين وليلة أربع وعشرين ((وفي خامسة تبقى)) ليلة ست وعشرين، وهكذا، وما يرد في هذه النصوص قد يقول طالب العلم الذي ما شمّ رائحة مثل هذا التعارض الذي فيه هدف عظيم للشرع، يقول هذا: اشلون أتحراها في سابعةٍ تبقى؟ في السبع الأواخر في العشر الأواخر ليلة كذا؟ وكلها أحاديث صحيحة، هل هذا اضطراب في هذه النصوص؟ أو هذا إرباك لطالب العلم؟ أبداً، إنما هو حث على استغلال جميع هذه الليالي، وكل ليلة من ليالي العشر بدأ من ليلة إحدى وعشرين إلى آخر ليلة من رمضان، لها ما يدل عليها من أجل الاغتنام، والنبي -عليه الصلاة والسلام- إذا دخل في العشر شدّ المئزر، وأيقظ أهله، وأحيا ليله.
(تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر) فليلة القدر عند الجمهور منحصرة في رمضان، ثم في العشر الأخير منه آكد، ثم في أوتاره أرجى، لا في ليلةٍ بعينها، بعضهم يرجح ليلة سبع وعشرين، وهو اختيار كثير من الصحابة، وكثير من أهل العلم ممن بعدهم، يقول: لأن كلمة (هي) بالنسبة لسورة القدر هي السابعة والعشرين من الكلمات، لو حسبنا الكلمات كم كلمة؟ {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} [(١) سورة القدر] المقصود أنهم حسبوها فوجودها كلمة (هي) رقم سبع وعشرين، فاستدلوا بها على أن ليلة القدر هي سبع وعشرين، ابن عطية في تفسيره يقول:"وهذا من ملح العلم لا من متينه" يعني هذا يتناقل بالدروس وبين الطلاب، وإن وافقت سبع وعشرين فهي ليلة فاضلة، وإلا ليست من متين العلم الذي يستمسك به، ويرجح به قول على قول بمجرد هذا، ليست من متين العلم الذي يعتمد عليه في ترجيح الأقوال.