"كان يعتكف في العشر الأوسط من رمضان" النبي -عليه الصلاة والسلام- من جميع رمضان اعتكف، اعتكف في أوله، وفي أوسطه، وفي أثناءه، وفي آخره، فاعتكف عاماً من الأعوام في العشر الأوسط، حتى إذا كانت ليلة إحدى وعشرين وهي الليلة التي يخرج من صبيحتها من اعتكافها، صبيحتها التي قبلها وإلا التي بعدها؟ ليلة إحدى وعشرين من العشر الأوسط وإلا من الأخيرة؟ من الأخيرة، وهو يعتكف في العشر الأوسط، العشر الأوسط ينتهي بغروب الشمس من يوم عشرين، والليالي ليالي العشر الأوسط تنتهي بطلوع الصبح من يوم عشرين، فالصبيحة التي يخرج فيها من اعتكافه صبيحة عشرين، ولذا قال:((من اعتكف معي -يعني وانتهى اعتكافه خرج في صبيحة عشرين- فليعتكف العشر الأواخر)) هم اعتكفوا العشر الأوسط ومعهم النبي -عليه الصلاة والسلام-، وخرجوا في صبيحة عشرين، خرج في صبيحة عشرين، انتهى اعتكافهم، العشر الأوسط انتهت؛ لكن قال بعد ذلك:((من اعتكف معي فليعتكف العشر الأواخر -يعني ترجّح عنده أن ليلة القدر في العشر الأواخر- فقد أريت هذه الليلة ثم أنسيتها)) أريت هذه الليلة ثم أنسيتها للحكمة التي سبق ذكرها، ((وقد رأيتني -يعني علامة عليها- أسجد في ماء وطين من صبيحتها)) في الرؤيا، ((فالتمسوها في العشر الأواخر، والتمسوها في كل وتر)) "فمطرت السماء تلك الليلة" ليلة إحدى وعشرين، "وكان المسجد على عريش" يعني سقفه من خوص عريش، إذا نزل عليه المطر يكف على المسجد، يتقاطر الماء على المسجد، داخل المسجد، وكان على عريش "فوكف المسجد" يعني تقاطر منه المطر، "فأبصرت عيناه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" أبو سعيد يقول: "فأبصرت عيناي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على وجهه أثر الماء والطين من صبح إحدى وعشرين" هذا من أقوى، بل أقوى من يتمسك به في تحديد ليلة القدر، هذا كالصريح في أنها ليلة إحدى وعشرين؛ لكن ما الذي يجعل الإنسان يرى قد يميل إلى أنها في غير إحدى وعشرين؟ يعني لو لم يرد في النصوص إلا هذا، هذا صريح أنها ليلة إحدى وعشرين، يعني جاء تأويل رؤياه من صبيحتها، تحققت الرؤيا في صبيحتها إذاً هي ليلة إحدى وعشرين؛ لكن في الأحاديث الأخرى التموسها في السبع الأواخر، ليس منها