للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى- باب الاعتكاف، الاعتكاف: لزوم المسجد لطاعة الله تعالى، والخلوة والانفراد في بيتٍ من بيوت الله -عز وجل- للذكر والصلاة والتلاوة وغيرها من العبادات الخاصة، لا العامة، ولذا النبي -عليه الصلاة والسلام- يعتزل في معتكفه احتجر حجيرة ينفرد بها عن الناس، وجرى على هذا أصحابه وأزواجه من بعده، وخيار الأمة من علمائها وعبادها، وينقطعون عن جميع ما كانوا يزاولونه، ولو كان فيه نفع للناس، فلا تجد عالم يعتكف ثم يلقي دروساً، يدرس الناس ويقرأ عليهم، أبداً، بل الاعتكاف يخصص للعبادات الخاصة من صلاة وذكر وتلاوة، فهو لزوم المسجد لهذا الأمر، والاعتكاف منهم من يجعل أقلّه اليوم والليلة، ومنهم من يقول: ما سُمي اعتكاف، بمعنى أنه لزم وأطال المكث، وانطبق عليه الاسم لغةً، يسمى اعتكاف، ومنهم من يجريه على مسمى البقاء والجلوس في المسجد ولو قلّ، وهذا معروف عند متأخري المذاهب، يقول: إذا دخلت المسجد انوِ الاعتكاف، لو أنت داخل في زمن يسير تنوي الاعتكاف، لكن هذا ليس باعتكاف لا لغوياً ولا شرعياً، ولذلك تجدون في بعض المساجد عند المدخل لوحة على سارية: نويت سنة الاعتكاف، هل أنت تريد الاعتكاف بالفعل؟ تريد طول المكث والبقاء في المسجد، أو تريد أن تصلي وتخرج أو تقرأ شيء يسير من القرآن وتخرج؟ هذا ليس باعتكاف؛ لأن من أهل العلم من يشترط الصيام، ويأتي ذكره في نذر عمر -رضي الله تعالى عنه-، فالاعتكاف: طول المكث والبقاء في المسجد للعبادة، والمسجد: ما يصح تسميته مسجد، ويمكّن المعتكف من أداء الصلوات مع الجماعة، بحيث لا يتكرر خروجه؛ لأن تكرار الخروج ينافي الاعتكاف إلا لما لا بد منه، ويصح الاعتكاف في المسجد الذي تقام فيه الصلوات الخمس، ولو لم يكن جامع، يعني والخروج إلى الجمعة أمره يسير، مرة في الأسبوع لا يؤثر؛ لكن لو كان مسجد لا تقام فيه الصلوات الخمس، مسجد من مساجد المصالح الحكومية، الدوائر الحكومية، الذي أسس لإقامة صلاة الظهر فقط، ثم يضطر يخرج إلى صلاة العصر، ثم يضطر يخرج إلى صلاة المغرب، ثم يضطر إلى العشاء والفجر وهكذا، أو قال: أنا أريد أن أعتكف بمسجد نمرة، مسجد بالإجماع؛ لكن لا يقام فيه إلا مرة