حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا يحل لامرأة))، لا يحل: معناه الذي لا يحل، الحل في مقابلة الحرمة، فإذا نفي الحل ثبتت الحرمة، لتتم المقابلة، لا يحل يعني يحرم؛ لأن المقابلة بين أمرين الحلال والحرام؛ لأن الحلال يقابله الحرام، لا يأتينا من يقول: أن الأحكام خمسة، إذا انتفى واحد فمقابله أربعة، يحتمل أن يكون ما دام لا يحل إذاً يكره، لا، نقول الحلال يقابله الحرام، فإذا انتفى الحلال ثبت الحرام، {وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلاَلٌ وَهَذَا حَرَامٌ} [(١١٦) سورة النحل]، فالمقابلة بين الحلال والحرام فقط، {يُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ} [(١٥٧) سورة الأعراف].
على كل حال مفهوم لا يحل ثبوت الحرمة لمن عملت هذا العمل ((لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة ليس معها حرمة))، يحرم على المرأة أن تسافر تؤمن بالله واليوم الآخر يعني مسلمة، يحرم على المرأة المسلمة أن تسافر، قد يقول قائل أنه عنده خادمة كافرة، هل يتجه إليها مثل هذا التحريم؟ يتجه إليها مثل هذا التحريم؟ لأنه قال:((لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر)) هي تقول لا تؤمن بالله واليوم الآخر، يحل لها أن تسافر؟
توجيه الخطاب للمسلمين؛ لأنهم هم الممتثلون للخطاب، وإلا فالكفار أيضاً مخاطبون بالفروع، في قول جماهير أهل العلم، وإذا كانت غير ممتثلة للخطاب فالخطاب يتجه على من مكنها من مزاولة هذا المحرم، وهو من أوفدها من غير محرم، وسافر بها بغير محرم، إضافة إلى كونها كافرة وإقامتها في هذه البلاد أيضاً فيها ما فيها.
المقصود أن قوله ((لا يحل)) يعني يحرم، و ((لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر)) يعني مسلمة؛ لأنها هي الممتثلة لمثل هذه التوجيهات الشرعية، وهذا لا يعني أن غير المسلمة يجوز أن تسافر، أو يُسافَر بها من قبل المسلمين، لا، لأنها مخاطبة بفروع الشريعة، وهذا منها، وحينئذ يتجه الخطاب إلى من مكَّنَها.
قد يقول قائل: هو يسافر بالشغالة يمين ويسار من غير محرم، وهي المكلفة هي المخاطبة بهذا النفي وإثبات الحرمة؟