فسلمت عليه فقال: من هذا؟ فقلت: أنا عبد الله بن حنين أرسلني إليك ابن عباس، يسألك: كيف كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يغسل رأسه وهو محرم؟: فأجابه أبو أيوب بالقول أو بالفعل؟ بالفعل، وهو أبلغ، وهو أبلغ.
فوضع أبو أيوب يده على الثوب، فطأطأه -خفضه وأنزله عن مستوى رأسه- حتى بدا لي رأسه، ظهر رأس أبي أيوب وهو يغتسل.
ثم قال لإنسان يصب عليه الماء: في هذا جواز إعانة المغتسل والمتوضئ.
اصبب، فصب على رأسه، ثم حرك رأسه بيديه: حرك رأسه بيديه، المقصود حرك الرأس وإلا الشعر؟ المقصود شعر الرأس، حرك شعر رأسه، ليس المعنى أنه حرك الرأس باليدين، هز رأسه بيديه، لا، إنما حرك الشعر هكذا لأي شيء؟ لكي يصل الماء إلى أصول الشعر، يحركه.
ثم أقبل بهما وأدبر، ثم قال: هكذا رأيته -صلى الله عليه وسلم- يفعل".
وجاء في وصف وضوءه -عليه الصلاة والسلام- في مسح الرأس، أنه أقبل بيديه وأدبر، بدأ من مقدم رأسه، واضح وإلا ما هو بواضح؟ أقبل بيديه وأدبر، بدأ بمقدم رأسه، وهنا قال: أقبل بهما وأدبر، مقتضى أقبل وأدبر أنه بدأ من مؤخر الرأس، مقتضى ذلك أنه أقبل ثم أدبر، أنه بدأ من مؤخر الرأس، لكن الرواية في صفة الوضوء بدأ بمقدم رأسه، ولذا نقول أن الواو لا تقتضي الترتيب، هذا الكلام أقبل وأدبر لا يعني أن الإقبال قبل الإدبار؛ لأن الواو لا تقتضي الترتيب.
ابن دقيق العيد في الوضوء يقول: الإقبال والإدبار أمر نسبي، بمعنى أقبل بهما إلى قفاه وأدبر بهما عن قفاه؛ لكي تلتئم الروايات، لكن هذا فيه تكلف، أقول ما يسلم من تكلف هذا الكلام؛ لأن الإقبال واضح ظاهر، والإدبار –أيضاً- واضح وظاهر، فأولى ما يقال أن الواو لا تقتضي الترتيب، وهذه الرواية مجملة فسرها قوله: بدأ بمقدم رأسه.
ثم قال: هكذا رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يفعل: العوام لهم طرق في كيفية مسح الرأس من باب الاحتياط، وكيفية حك الرأس إذا احتاج إلى حك، نعم، بعضهم إذا احتاج إلى الحك بطرف إصبعه يضربه هكذا؛ يخشى أن يقع منه شيء!! إذا احتيج إلى الحك يحك الرأس أيش المانع، إذا احتيج إلى تنظيفه ينظف، لكن يراعى مسألة سقوط الشعر.