لا معارضة بين رواية مسلم ((توضأ وانضح فرجك)) مع حديث بسرة: ((من مس ذكره فليتوضأ)) لا، لا معارضة بينهما لأن النضح يتم بدون مس، النضح هو مجرد الرش، ويتم بدون مس، يعني الجمع من الروايات أن يغسل الذكر كما يغسل منه سائر النجاسات كالاستنجاء، ثم بعد ذلكم يتوضأ وضوءه للصلاة، ثم بعد ذلكم ينضح فرجه وسراويله، لما جرت به العادة أن المذي لا ينقطع بسرعة، كما ينقطع البول، فلئلا يصاب الإنسان بالوسواس هل خرج شيء أو لم يخرج ينضح ذكره، فيحيل ما يحس به من رطوبة إلى هذا الماء المنضوح، وبهذا يحصل الانصراف عن التفكير في هذا الشيء؛ لأن المسالك كل ما غفل عنه الإنسان لزمت، وكل ما تذكرها وحرص عليها درت، فالإنسان ينضح فرجه ولا يلتفت إلى شيء خلاص، لا يقول: خرج ما خرج، تحيل ما تحس به من رطوبة إلى هذا النضح، ومثله من يخيل إليه أنه يخرج من ذكره شيء، بعض الناس يخيل إليه أنه توضأ ثم خرج منه، نزل منه شيء، انضح فرجك ولا تلتفت إلى شيء وبهذا تستطيع أن تقطع الوسواس؛ لأن الشيطان حريص على أن يدخل الخلل على المسلم في عبادته، أن يصرف المسلم عن عبادته إن استطاع وإلا أدخل الخلل عليه والنقص، فهو يوقع في نفسه أنه خرج منه شيء، وقد جاء التوجيه في الحديث الذي يليه، الرجل يخيل إليه أنه يجد الشيء في الصلاة، فوجهه أنه لا ينصرف لمجرد هذا التخييل، يخيل إليه أنه خرج من ذكره شيء لا ينصرف، وعلاج الوسواس يكون بالنضح، نعم.
وعن عباد بن تميم عن عبد الله بن زيد بن عاصم المازني -رضي الله عنه- قال: شكي إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- الرجل يخيل إليه أنه يجد الشيء في الصلاة, فقال:((لا ينصرف حتى يسمع صوتاً, أو يجد ريحاً)).