يقول: ذكر ابن حجر في فتح الباري أن ظاهر حديث حكيم ابن حزام يدل على أن أحد المتبايعين إذا كتم وكذب وصدق صاحبه وبين فإن محق البركة يلحق البيع، ويؤجر الصادق على صدقه، وإن لم يبارك له في بيعه؟
نص الحديث:((فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما، وإن كتما وكذبا محقت بركة بيعهما)) لو كان العقد بين جماعة مع جماعة آخرين، وجاء النص هكذا: فإن صدقوا وبينوا بورك لهم في بيعهم، وإن كتموا وكذبوا محقت بركة بيعهم، نريد أن نرجع هذا الكلام إلى قاعدة عند أهل العلم وهي: أن مقابلة الجمع بالجمع تقتضي القسمة أفراد، آحاد، يعني كل واحد له نصيبه من الحكم، إذا قيل: ركب القوم دوابهم مقتضى ذلك أن كل واحد منهم ركب دابته، فمقابلة الجمع بالجمع تقتضي القسمة أفراد، يعني كل واحد له ما يتعلق به.
وإذا قيل: ركب الزيدان دابتيهما، إيش معنى هذا الكلام؟ أن كل واحد منهما ركب دابته، فالتثنية تدخل في الجمع.
وهنا:((إن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما)) لو صدق واحد منهما بورك له، إن كذب واحد محقت البركة بالنسبة له، فكل شخص مسئول عن نفسه، ومكلف بعمله، {وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [(١٦٤) سورة الأنعام]، ولو قال ابن حجر ما قال؛ لأن القاعدة عند أهل العلم أن مقابلة الجمع بالجمع تقتضي القسمة أفراد، يعني كل واحد له ما يخصه من هذا الجمع، كل واحد من هؤلاء المجموعة له ما يخصه من المجموعة الأخرى، مقابلة جمع بجمع، وهنا مقابلة تثنية بتثنية، فكل واحد من الاثنين له ما يخصه.
يقول:"فإن محق البركة يلحق البيع ويؤجر الصادق على صدقه، وإن لم يبارك له في بيعه" كأن الحافظ -رحمه الله تعالى- لحظ وهو أن البركة بورك لهما في بيع، فالبيع واحد، ((ومحقت بركة بيعهما)) هذا البيع الواحد، فلما كان العقد واحد فإما أن يبارك أو تمحق البركة، ومعروف أنهما إن صدقا جميعاً وجدت البركة إن كذبا جميعاً محقت البركة، لكن ماذا عما لو صدق أحدهما وكذب الآخر؟ نقول:{وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [(١٦٤) سورة الأنعام]، ظاهر النص يدل على أن الصادق يبارك له وإن غبن، لكن يبارك له، والكاذب تمحق البركة وإن زادت القيمة بالنسبة له.