للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

((مهر البغي خبيث، ثمن الكلب خبيث، كسب الحجام خبيث)) النبي -عليه الصلاة والسلام- احتجم، وأعطى الحجام أجرته، وسأل مواليه أن يخففوا عنه، يقول: ((كسب الحجام خبيث)) -عليه الصلاة والسلام-، ويحتجم ويعطي هذا الكسب؟، أو نقول: إن الخبث يتفاوت؟ نقول: هذا ثمن إخراج دم، والدم خبيث، هذه مهنة سيئة دنيئة، لا تليق بأشراف الناس، من يتكسب من روائها، لكن على كل حال بالنسبة لأدنياء الناس، الذين لا يجدون إلا مثل هذه الأعمال يقرر أهل العلم أن مثل هذه المهن أفضل من الحاجة وتكفف الناس وسؤالهم، كون النبي -عليه الصلاة والسلام- احتجم وأعطى الحجام، أعطى أبا طيبة الحجام، هذا يدل على الجواز، جواز الدفع عند الحاجة، ويبقى أن الآخر يأخذ مالاً خبيثاً، والخبث قد يطلق على بعض المباحات، الخبث الثوم والبصل شجرتان خبيثتان، لكن هل هو حرام وإلا حلال؟ حلال، جاء في صحيح مسلم أحرام هو يا رسول الله؟ قال: ((إني لا أحرم ما أحل الله)) فالوصف ينظر إلى الموصوف من أكثر من زاوية، قد يكون قد تكون مادته طيبة ورائحته خبيثة، نعم، فينظر إليه من أكثر من جهة، ويطلق على الثوم حينئذ أنه طيب من جهة، وخبيث من جهة، ويجوز مثل هذا إذا انفكت الجهة، وإلا لو كان خبيثاً بالمعنى الشرعي لصار حراماً، بدليل قوله تعالى: {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ} [(١٥٧) سورة الأعراف] لا شك أن الخبث وصف، وهذا الوصف إذا انفكت الجهة يمكن أن يوصف به الطيب، أما مع اتحاد الجهة فلا، لأنه يلزم عليه التناقض.

فكسب الحجام عرفنا أن النبي -عليه الصلاة والسلام- احتجم وأعطى الحجام، ولو كان كسبه محرماً لما أعطاه؛ لأنه تعاون على الإثم والعدوان وعرفنا أن المحتاج إلى الشيء يعذر أكثر من غيره، فمشتري الكلب معذور عند الحاجة، بخلاف بائعه، مشتري المصحف عند من يقول بتحريم بيعه معذور بخلاف بائعه، المحجوم معذور في دفع الأجرة بخلاف الحجام نفسه.

من الزيادات في العمدة الكبرى:

عن ابن عمر -رضي الله عنه- قال: "نهى النبي -عليه الصلاة والسلام- عن عسب الفحل".