للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لو افترضنا أن هذا المحتاج عنده أربع بيوت، كل بيوت مملوء عنده أربع زوجات، وكل زوجة عندها عشرة أولاد، وهؤلاء بحاجة على عشرة أوسق، ما يكفيهم خمسة أوسق، نقول: الشرع حدد الجواز بالخمسة أوسق فما دون، هل لمثل هذا المحتاج أن يتعامل بالعرية مع شخص بخمسة أوسق ومع آخر بخمسة أوسق أخرى؟ أو ليس له ذلك؟ المسألة قيدت بالحاجة، ما قيدت بالحاجة؟ قلنا: إنه إذا كانت حاجته تندفع بوسق واحد يجوز له أن يأخذ أكثر أو لا يجوز؛ لأنها خلاف الأصل؟ لا يجوز، لكن إذا كانت حاجته لا تندفع إلا بعشرة أوسق، مثلما قلنا: أربعة بيوت كل بيت فيه عشرة أشخاص، لا يجوز له أن يتعامل مع شخص واحد بهذه الصورة، لكن لو قال: أنا أتعامل مع هذا بالقدر المحدد شرعاً، وأذهب إلى آخر وأتعامل معه بالقدر المحدد شرعاً، وحينئذ لا تنتهي الحاجة، قد يتعامل مع ثالث ورابع، ويتحايل على تحليل ما حرم الله من بيع المزابنة، وعلى هذا يمنع من الزيادة على خمسة أوسق مهما كانت حاجته، والحاجة كما ذكرنا تقدر بقدرها؛ لأن هذا جاء على خلاف الأصل؛ لأن الأصل المنع في مثل هذا البيع، فأبيح أبيحت هذه الصورة للحاجة، والحاجة تقدر بقدرها، نظير ذلك من أذن له في الأكل من الميتة، هذا مضطر، إن لم يأكل من هذه الميتة يموت، أذن له أن يأكل من الميتة للضرورة، هل يجوز له أن يشبع باعتبار أنه أذن له أن يأكل؟ أو يأكل بقدر ما يقيم صلبه ويدفع به هذه الضرورة؟ يأكل بقدر حاجته، ولذا لو غلب على ظنه أنه لا يجد شيئاً في طريقه يشبع وإلا ما يشبع؟ أو نقول: احمل معك ما يدفع عنك هذه الضرورة إن احتجت إليه إذا غلب على ظنه أنه لا يجد، وحينئذ يقال له: لا تشبع؛ لأن هذا إنما أبيح للضرورة والضرورة تقدر بقدرها، نعم.

وعن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من باع نخلاً قد أبرت فثمرها للبائع، إلا أن يشترط المبتاع)) ولمسلم: ((ومن ابتاع عبداً فماله للذي باعه إلا أن يشترط المبتاع)).

وعنه -رضي الله تعالى عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من ابتاع طعاماً فلا يبعه حتى يستوفيه)) وفي لفظ: ((حتى يقبضه))، وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- مثله.