للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَبَّيْكُمَا ... هَا أَنَا ذَا لَدَيْكُمَا

، ... مَحْفُوفٌ بِالنِّعَمِ ... مَحْفُوظٌ بِالدِّينِ

، فَرَجَعَ الطَّائِرُ فَوَقَعَ عَلَى صَدْرِهِ فَشَقَّهُ فَأَخْرَجَ قَلْبَهُ فَشَقَّهُ، فَقَالَ الْأَعْلَى: أَوَعَى، قَالَ: وَعَى، قَالَ: أَقْبِلَ؟ قَالَ: أَبَى، وَنَهَضَ فَأَتْبَعَهُمَا طَرْفَهُ فَقَالَ: ... لَبَّيْكُمَا لَبَّيْكُمَا ... هَا أَنَا ذَا لَدَيْكُمَا.

إِنْ تَغْفِرِ اللَّهُمَّ تَغْفِرْ جَمَّا ... وَأَيُّ عَبْدٍ لَكَ لَا أَلَمَّا

ثُمَّ انْطَبَقَ الشِّقُّ وَجَلَسَ أُمَيَّةُ يَمْسَحُ صَدْرَهُ، فَقُلْتُ: يَا أَخِي! هَلْ تَجِدُ شَيْئًا؟ قَالَ: لَا وَلَكِنِّي أَجِدُ حَرًّا فِي صَدْرِي، ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ:

لَيْتَنِي كُنْتُ قَبْلَ مَا قَدْ بَدَا لِي ... فِي تِلَالِ الْجِبَالِ أَرْعَى الْوُعُولَا

اجْعَلِ الْمَوْتَ نُصْبَ عَيْنَيْكَ وَاحْذَرْ ... غَوْلَةَ الدَّهْرِ إِنَّ لِلدَّهْرِ غُولَا

وَقَالَ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ، ... عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: خَرَجْتُ أَنَا وَأُمَيَّةُ بْنُ أَبِي الصَّلْتِ تُجَّارًا إِلَى الشَّامِ، فَكَانَ كُلَّمَا نَزَلْنَا قَرْيَةً أَوْ بِمَنْزِلٍ أَخْرَجَ مِنْهُ سِفْرًا يَقْرَؤُهُ عَلَيْنَا، فَكُنَّا كَذَلِكَ حَتَّى نَزَلْنَا بِقَرْيَةٍ مِنْ قُرَى النَّصَارَى، فَرَأَوْهُ فَعَرَفُوهُ وَأَهْدَوْا لَهُ، فَذَهَبُوا وَمَضَى مَعَهُمْ إِلَى بَيْعَتِهِمْ، ثُمَّ رَجَعَ وَسَطَ النَّهَارِ فَطَرَحَ نَفْسَهُ، وَاسْتَخْرَجَ ثَوْبَيْنِ أَسْوَدَيْنِ، فَلَبِسَهُمَا، ثُمَّ قَالَ: يَا أَبَا سُفْيَانَ، هَلْ لَكَ فِي عَالِمٍ مِنْ عُلَمَاءَ النَّصَارَى إِلَيْهِ تَنَاهَى عِلْمُ الْكُتُبِ تَسْأَلُهُ عَمَّا بَدَا لَكَ؟ فَقُلْتُ: لَا، فَمَضَى هُوَ وَحْدَهُ وَجَاءَنَا بَعْدَ

<<  <  ج: ص:  >  >>