ذُنُوبِهِمْ، وَمِنْ جَهْلِهِمْ وَغَبَاوَتِهِمْ أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَرَاهُمْ مِنَ الْآيَاتِ آيَاتِ قُدْرَتِهِ وَعَظِيمَ سُلْطَانِهِ وَصِدْقِ رَسُولِهِ مَا لَا مَزِيدَ عَلَيْهِ، ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْهِمْ بَعْدَ ذَلِكَ كِتَابَهُ وَعَهِدَ إِلَيْهِمْ فِيهِ عَهْدَهُ، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَأْخُذُوهُ بِقُوَّةٍ، فَيَعْبُدُونَهُ بِمَا فِيهِ، كَمَا خَلَّصَهُمْ مِنْ عُبُودِيَّةِ فِرْعَوْنَ وَالْقِبْطِ، فَأَبَوْا أَنْ يَقْبَلُوا ذَلِكَ، وَامْتَنَعُوا مِنْهُ، فَنَتَقَ الْجَبَلَ الْعَظِيمَ فَوْقَ رُءُوسِهِمْ عَلَى قَدْرِهِمْ، وَقِيلَ لَهُمْ: إِنْ لَمْ تَقْبَلُوا طَبَقْتُهُ عَلَيْكُمْ فَقَبِلُوهُ مِنْ تَحْتِ الْجَبَلِ.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: رَفَعَ اللَّهُ الْجَبَلَ فَوْقَ رُءُوسِهِمْ وَبَعَثَ نَارًا مِنْ قِبَلِ وُجُوهِهِمْ وَأَتَاهُمُ الْبَحْرُ مِنْ تَحْتِهِمْ، وَنُودُوا إِنْ لَمْ تَقْبَلُوا أَرْضَخْتُكُمْ بِهَذَا، وَأَحْرَقْتُكُمْ بِهَذَا، وَأَغْرَقْتُكُمْ بِهَذَا، فَقَبِلُوا وَقَالُوا: سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا، وَلَوْلَا الْجَبَلُ مَا أَطَعْنَاكَ، وَلَمَّا آمَنُوا بَعْدَ ذَلِكَ قَالُوا: سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا. وَمِنْ جَهْلِهِمْ أَنَّهُمْ شَاهَدُوا الْآيَاتِ، وَرَأَوُا الْعَجَائِبَ الَّتِي يُؤْمِنُ عَلَى بَعْضِهَا الْبَشَرُ، ثُمَّ قَالُوا بَعْدَ ذَلِكَ: لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً.
وَكَانَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى قَدْ أَمَرَ كَلِيمَهُ مُوسَى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَنْ يَخْتَارَ مِنْ خِيَارِهِمْ سَبْعِينَ رَجُلًا لِمِيقَاتِهِ، فَاخْتَارَهُمْ مُوسَى وَذَهَبَ بِهِمْ إِلَى الْجَبَلِ، فَلَمَّا دَنَا مُوسَى مِنَ الْجَبَلِ وَقَعَ عَلَيْهِ عَمُودُ الْغَمَامِ حَتَّى تَغَشَّى الْجَبَلَ، وَقَالَ لِلْقَوْمِ: ادْنُوا، وَدَنَا الْقَوْمُ حَتَّى إِذَا دَخَلُوا فِي الْحِجَابِ، وَقَعُوا سُجَّدًا، فَسَمِعُوا الرَّبَّ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَهُوَ يُكَلِّمُ مُوسَى، وَيَأْمُرُهُ وَيَنْهَاهُ، وَيَعْهَدُ إِلَيْهِ، فَلَمَّا انْكَشَفَ الْغَمَامُ، قَالُوا: لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً.
وَمِنْ جَهْلِهِمْ أَنَّ هَارُونَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمَّا مَاتَ وَدَفَنَهُ مُوسَى قَالَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ لِمُوسَى: أَنْتَ قَتَلْتَهُ، حَسَدْتَهُ عَلَى خُلُقِهِ وَلِينِهِ مِنْ مَحَبَّةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَهُ، قَالَ: فَاخْتَارُوا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute