إلى البادية ليستمعوا من الأعراب، ويسجلوا ما سمعوه بأنفسهم بدلًا من اعتمادهم الكلي على الرواية؛ لأن الرواة إما أن يتركوا بعض المواد التي اعترف بفصاحتها في اللغة، وإما أن يضيفوا من عندهم بعض ما لم يوثق به فيها. وقد أوقع هذا أصحاب المعاجم إما في النقص أو الزيادة، فمثال الأول الجوهري في صحاحه، ومثال الثاني الصغاني في عبابه، أما الفيروزآبادي في القاموس فهو في نظر الشدياق مثال للاثنين معًا.
٦- المطاوع:
وهنا نجد أن الشدياق قد اعترف بأن القاموس ليس وحيدًا من بين كتب اللغة في ذكره بعض الهفوات أو الأخطاء، بل إنه وجد أن هناك قاعدة نحوية مشتركة قد أوقعت اللغويين جميعًا في الخطأ، وتلك هي القاعدة التي تقول بأن الفعل المطاوع لازم إذا كان فعله الأصلي متعديًا، وقد اكتشف الشدياق بعد مراجعة اللسان، والتاج بجانب القاموس أن كثيرًا من الأفعال المطاوعة تكون متعدية أيضًا مثل أصلها بل إنه في بعض الأحيان يجد المطاوع متعديًا حينما يكون الأصل لازمًا.
وقد أفرد صاحب الجاسوس فصلًا خاصًّا ذكر فيه هذه الأفعال مرتبة ترتيبًا أبجديًّا من الألف إلى الياء -ولكنه لم يضعها على حسب الترتيب المتداول المعروف، بل وضعها على حسب ترتيب القافية أيضًا في الوقت الذي كنا نتوقع فيه أنه سيلتزم الترتيب الذي دعا اللغويين إليه ليكون أسهل من الناحية العملية.
وهكذا نجد أن الشدياق في نقده على القاموس لم يسلم من ارتكاب بعض المآخذ التي كان يود ألا تقع فيه.