هذا الكتاب موضوع تطبيقًا لنظرية لغوية في منشأ الكلمات، وهي النظرية التي تقول بأن الكلمات نشأت في اللغة محاكاة لبعض أصوات الطبيعة، أو الحيوانات أو الحركات التي تحدثها الآلات المستخدمة في معيشة الإنسان. كما أن الكتاب يطبق كذلك النظرية الثنائية التي تقول بأن أصل الكلمات في العربية حرفان فقط، ثم يتفرع عن كل أصل أو مقلوبه مواد أخرى، ولكنها جميعًا تشترك في معنى واحد عام هو ما يعتبر أصلًا لكل تلك المواد.
وقد مثل الشدياق بكلمة "قط"، فذكر أنها حكاية لصوت القدوم، وما يشبهه حين تقطع به الأخشاب، وإنها من بعض الوجوه تشبه الكلمة الإنجليزية "CUT" معنى ولفظًا. ورتب على هذا أن المواد: قطف، قطع، قطم، قطش، كلها متفرعة من الأصل "قط"، كما أنه وجد أن بعض الحروف قد تتناوب مثل "جدف، جدث"، وبعض قد يتبادل الموضع مثل "جذب، جبذ، أيس -يئس، لي - لبب".
وعندما أراد الشدياق أن يسجل قائمة المفردات ليشرحها لم يضعها حسب الترتيب العادي كما كنا نتوقع، ولا على حسب القافية، ولا على حسب مخارج حروف الحلق كما فعل الخليل، ولكنه اتخذ لنفسه نظامًا معقدًا انتظم كل هذه الترتيبات:
"أ "ح خ ع غ هـ" ب ت ث ج * * د ذ ر ز س ش ص ض ظ * * ف ق ك ل م ن * وي.
فما بين القوسين الكبيرين يشمل حرف الحلق التي وضعها أولًا -لأنها كما أراد أن يبين لنا هو- لها خصائص معينة فيجب أن توضع أولًا.
وما بين القوسين الصغيرين يشمل حروف الحلق في رأي المعاجم التي اتبعت نظام الخليل، أما الهمزة فقد وضعت فيها مع حروف العلة في آخر الأبجدية.