وأما العلامة * فتدل على موضع حرف الحلق من الأبجدية العادية الذي نقل من موضعه الأصلي إلى المجموعة الأولى بين القوسين.
وزيادة على هذا فقد اتبع نظام التقليبات، فذكر مثلًا كلمتي "رد، در" في موضع واحد، وكذلك الحال في "حب، يح".
والأكثر من هذا أنه عند ترتيبه لهذه الكلمات نجد أنه قد رتبها حسب نظام القافية.
فإذا أردنا أن نعرف أين موضع كلمة "كتب"، فعلينا أن نعرف أن أصل مادتها "ك، ت" فقط، وحيث إن "ت" مقدمة في أبجديته على "ك"، فنتوقع أن نجد الأصل "ت ك" الذي يندرج تحت مقلوبه "ك ت" في فصل التاء.
وكان من الممكن للشدياق أن يسير على نظام التقليبات الذي اتبعه الخليل، حيث إنه وضع حروف الحلق أول القائمة، وحيث إنه كذلك وضع الأصل ومقلوبة في موضع واحد. ولكنه بدلًا من هذا يبتدع لنا نظامًا جديدًا يحوي كل الصعوبات التي اعترضت النظم السابقة، فكيف يمكنه بعد هذا أن يعترض على القاموس أو غيره في ترتيبه.
وبقطع النظر عن الترتيب فقط طبق في كتابه النظرية الثنائية في اللغة تطبيقًا لا بأس، وليس معنى هذا أننا نوافق على صحة النظرية أو خطئها، فهذا بحث آخر ليس مجاله هنا.
وعلى العموم فإن الأفكار التي دونها الشدياق في كتابيه "الجاسوس، سر الليال" كانت البذور الأولى للباحثين من المحدثين الذين أوسعوها بحثًا، وتمحيصًا فيما بعد، خاصة جورجي زيدان في كتابه فلسفة اللغة، والكرملي في كتابه نشوء اللغة العربية وتطورها، وكان كل هذا دافعًا للبحث اللغوي أن تتولاه الهيئات التي كونت فيما بعد بصفة رسمية في صورة المجمع اللغوي، في بعض الأقطار العربية.