للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الليث يصف طريقة الخليل:

لقد فكر الخليل في تنظيم متحد يجمع كل الكلمات غير ذلك التنظيم المعنوي الذي تبناه معاصروه لقد فكر، فوجد أن جميع الكلمات من حيث تركيبها الصوتي تتكون من أحرف الهجاء، ا. ب. ت، العادية.

لقد ذكر بعض الرواة١: أن الخليل لم يبدأ بالهمزة لتغيرها إلى مدة أو حذفها في بعض المواد. ثم انتقل ِإلى البناء ليبدأ بها، ولكنه لما لم يجد سببًا معقولًا ليتخذ الباء مبدأ عدل عن ذلك إلى الترتيب الصوتي.

ولكننا لا نميل إلى هذا الرأي فإن الطريقة الرياضية التي أمكن للخليل أن يحصر بها جميع مواد اللغة على الطريقة الصوتية كان يمكن أن يستعملها أيضًا مع الأبجدية العادية، ولا بد أن هناك سببًا أكثر من هذا. ذلك هو أن ما تحكم في طريقته إنما هو القوانين الصوتية التي بها يعرف المهمل ويميز عن المستعمل. وبناء عليه فإن الترتيب الصوتي يكون من الناحية العملية أكثر أهمية من الترتيب العادي.

ولقد شغلت هذه المشكلة بال الخليل زمنًا طويلًا كما كان يشغله أيضًا التفكير في علم العروض. ولقد صور لنا هذا الانشغال تلميذه الليث: إذ يذكر لنا أن الخليل حين ورد عليه في خراسان فاتحه في تلك الفكرة التي كان من الصعب على العقل العادي أن يدركها "فجعلت أستفهمه، ويصف لي، ولا أقف على ما يصف، فاختلف إليه في هذا المعنى أيامًا، ثم اعتل وحججت فرجعت من الحج، فإذا هو قد ألف الحروف كلها على ما في صدر هذا الكتاب".


١ المزهر ص٥٦.

<<  <   >  >>