للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مِنْهُمَا عَلَى الِانْفِرَادِ، إنْ كَانَ فَقِيهًا قَالَ: هَلْ مِنْ سَائِلٍ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَقِيهًا لَمْ يَتَعَرَّضْ لِلسُّؤَالِ، وَيَبِيتُ بِمِنًى لَيْلَتَهُ وَيَرْمِي مِنْ غَدِهِ -وَهُوَ يَوْمُ النَّفْرِ يَوْمُ الْحَادِيَ عَشَرَ بَعْدَ الزَّوَالِ- الْجِمَارَ الثَّلَاثَ بِإِحْدَى وَعِشْرِينَ حَصَاةٍ، كُلُّ جَمْرَةٍ سَبْعُ حَصَيَاتٍ، وَيَبِيتُ بِهَا لَيْلَتَهُ الثَّانِيَةَ، وَيَرْمِي مِنْ غَدِهَا -وَهُوَ يَوْمُ النَّفْرِ- الْجِمَارَ الثَّلَاثَ، ثُمَّ يَخْطُبُ بَعْدَ صَلَاةِ الظُّهْرِ الْخُطْبَةَ الرَّابِعَةَ، وَهِيَ آخِرُ الْخُطَبِ الْمَشْرُوعَةِ فِي الْحَجِّ، وَيُعْلِمُ النَّاسَ أَنَّ لَهُمْ فِي الْحَجِّ نَفْرَتَيْنِ خَيَّرَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِمَا بِقَوْلِهِ: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إثْمَ عَلَيْهِ لِمَنْ اتَّقَى} [البقرة: ٢٠٣] .

وَيُعْلِمُهُمْ أَنَّ مَنْ نَفَرَ مِنْ مِنَى قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْ يَوْمِهِ هَذَا سَقَطَ عَنْهُ الْمَبِيتُ بِهَا، وَالرَّمْيُ لِلْجِمَارِ مِنْ غَدِهِ، وَمَنْ أَقَامَ بِهَا حَتَّى غَرَبَتْ الشَّمْسُ لَزِمَهُ الْمَبِيتُ بِهَا وَالرَّمْيُ فِي غَدِهِ، وَلَيْسَ لِهَذَا الْإِمَامِ بِحُكْمِ وِلَايَتِهِ أَنْ يَنْفِرَ فِي النَّفْرِ الْأَوَّلِ وَيُقِيمَ لِيَبِيتَ بِهَا، وَيَنْفِرُ فِي النَّفْرِ الثَّانِي مِنْ غَدِهِ فِي يَوْمِ الْحَلَّاقِ، وَهُوَ الْيَوْمُ الثَّالِثَ عَشَرَ بَعْدَ رَمْيِ الْجِمَارِ الثَّلَاثِ؛ لِأَنَّهُ مَتْبُوعٌ، فَلَمْ يَنْفِرْ إلَّا بَعْدَ اسْتِكْمَالِ الْمَنَاسِكِ، فَإِذَا اسْتَقَرَّ حُكْمُ النَّفْرِ الثَّانِي انْقَضَتْ وِلَايَتُهُ، وَقَدْ أَدَّى مَا لَزِمَهُ، فَهَذِهِ الْأَحْكَامُ الْخَمْسَةُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِوِلَايَتِهِ.

وَأَمَّا السَّادِسُ الْمُخْتَلَفُ فِيهِ فَثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ:

أَحَدُهَا: إنْ فَعَلَ أَحَدُ الْحَجِيجِ مَا يَقْتَضِي تَعْزِيرًا أَوْ يُوجِبُ فِعْلُهُ حَدًّا، فَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يَتَعَلَّقُ بِالْحَجِّ لَمْ يَكُنْ لَهُ تَعْزِيرُهُ وَلَا حَدُّهُ؛ وَإِنْ كَانَ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِالْحَجِّ فَلَهُ تَعْزِيرُهُ -زَجْرًا وَتَأْدِيبًا، وَفِي إقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: يَحُدُّهُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَحْكَامِ الْحَجِّ، وَفِي الْآخَرِ لَا يَحُدُّهُ لِخُرُوجِهِ عَنْ أَفْعَالِ الْحَجِّ.

وَالثَّانِي: أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَحْكُمَ بَيْنَ الْحَجِيجِ فِيمَا تَنَازَعُوهُ مِنْ غَيْرِ أَحْكَامِ الْحَجِّ، وَفِي حُكْمِهِ بَيْنَهُمَا فِيمَا تَنَازَعُوهُ مِنْ أَحْكَامِ الْحَجِّ؛ كَالزَّوْجَيْنِ إذَا تَنَازَعَا فِي إيجَابِ كَفَّارَةٍ لِلْوَطْءِ وَمُؤْنَةِ الْقَضَاءِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: يَحْكُمُ بَيْنَهُمَا.

وَالثَّانِي: لَا يَحْكُمُ.

وَالثَّالِثُ: أَنْ يَأْتِيَ أَحَدُ الْحَجِيجِ مَا يُوجِبُ الْفِدْيَةَ، فَلَهُ أَنْ يُجْبِرَهُ بِوُجُوبِهَا، وَيَأْمُرَهُ بِإِخْرَاجِهَا، وَهَلْ يَسْتَحِقُّ إلْزَامُهُ لَهَا، وَيَصِيرُ خَصْمًا لَهُ فِي الْمُطَالَبَةِ أَمْ لَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ كَمَا فِي إقَامَةِ الْحُدُودِ،

<<  <   >  >>