عِشْرِينَ قَتِيلًا، وَالسَّلَبُ مَا كَانَ عَلَى الْمَقْتُولِ مِنْ لِبَاسٍ يَقِيهِ، وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ سِلَاحٍ يُقَاتِلُ بِهِ، وَمَا كَانَ تَحْتَهُ مِنْ فَرَسٍ يُقَاتِلُ عَلَيْهِ، وَلَا يَكُونُ مَا فِي الْمُعَسْكَرِ مِنْ أَمْوَالِهِ سَلَبًا، وَهَلْ يَكُونُ مَا فِي وَسَطِهِ مِنْ مَالٍ، وَمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنْ حَقِيبَةٍ سَلَبًا؟ فِيهِ قَوْلَانِ، وَلَا يُخَمَّسُ السَّلَبُ وَقَالَ مَالِكٌ: يُؤْخَذُ خُمُسُهُ لِأَهْلِ الْخُمُسِ، فَإِذَا فَرَغَ مِنْ إعْطَاءِ السَّلَبِ فَقَدْ اُخْتُلِفَ فِيمَا يَصْنَعُهُ بَعْدَ ذَلِكَ، فَالصَّحِيحُ مِنَ الْقَوْلَيْنِ أَنَّهُ يَبْدَأُ بَعْدَ السَّلَبِ بِإِخْرَاجِ الْخُمُسِ مِنْ جَمِيعِ الْغَنِيمَةِ، فَيَقْسِمُهُ بَيْنَ أَهْلِ الْخُمُسِ عَلَى خَمْسَةٍ كَمَا قَالَ -عَزَّ وَجَلَّ: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ} الْآيَةَ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَمَالِكٌ: يُقْسَمُ الْخُمُسُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَسْهُمٍ: لِلْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: يُقْسَمُ الْخُمُسُ عَلَى سِتَّةِ أَسْهُمٍ: سَهْمٌ لِلَّهِ تَعَالَى يُصْرَفُ فِي مَصَالِحِ الْكَعْبَةِ.
وَأَهْلُ الْخُمُسِ فِي الْغَنِيمَةِ هُمْ أَهْلُ الْخُمُسِ فِي الْفَيْءِ، فَيَكُونُ سَهْمٌ مِنَ الْخُمُسِ لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَيُصْرَفُ بَعْدَهُ لِلْمَصَالِحِ.
وَالسَّهْمُ الثَّانِي: لِذَوِي الْقُرْبَى مِنْ بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ.
وَالسَّهْمُ الثَّالِثُ: لِلْيَتَامَى.
وَالسَّهْمُ الرَّابِعُ: لِلْمَسَاكِينِ.
وَالسَّهْمُ الْخَامِسُ: لِبَنِي السَّبِيلِ.
ثُمَّ يَرْضَخُ بَعْدَ الْخُمُسِ لِأَهْلِ الرَّضْخِ؛ وَهُمْ فِي الْقَوْلِ الثَّانِي مُقَدَّمُونَ عَلَى الْخُمُسِ، وَأَهْلُ الرَّضْخِ مَنْ لَا سَهْمَ لَهُ مِنْ حَاضِرِي الْوَقْعَةِ مِنَ الْعَبِيدِ وَالنِّسَاءِ وَالصَّبِيَّانِ وَالزَّمْنَى، وَأَهْلُ الذِّمَّةِ يَرْضَخُ لَهُمْ مِنَ الْغَنِيمَةِ بِحَسَبِ عَنَائِهِمْ، وَلَا يَبْلُغُ بِرَضِيخِ أَحَدٍ مِنْهُمْ سَهْمَ فَارِسٍ وَلَا رَاجِلٍ، فَلَوْ زَالَ نَقْصُ أَهْلِ الرَّضْخِ بَعْدَ حُضُورِ الْوَقْعَةِ بِعِتْقِ الْعَبْدِ وَبُلُوغِ الصَّبِيِّ وَإِسْلَامِ الْكَافِرِ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْحَرْبِ أَسْهَمَ لَهُمْ وَلَمْ يَرْضَخْ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ انْقِضَائِهَا رَضَخَ لَهُمْ وَلَمْ يُسْهِمْ.
ثُمَّ تُقْسَمُ الْغَنِيمَةُ بَعْدَ إخْرَاجِ الْخُمُسِ وَالرَّضْخِ مِنْهَا بَيْنَ مَنْ شَهِدَ الْوَقْعَةَ مِنْ أَهْلِ الْجِهَادِ، وَهُمْ الرِّجَالُ الْأَحْرَارُ الْمُسْلِمُونَ الْأَصِحَّاءُ، يَشْتَرِكُ فِيهَا مَنْ قَاتَلَ وَمَنْ لَمْ يُقَاتِلْ؛ لِأَنَّ مَنْ لَمْ يُقَاتِلْ عَوْنٌ لِلْقَاتِلِ وَرِدْءٌ لَهُ عِنْدَ الْحَاجَةِ، وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي قَوْله تَعَالَى: {وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ ادْفَعُوا} [آل عمران: ١٦٧] عَلَى تَأْوِيلَيْنِ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute