للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مِنَ الْمَزْرُوعِ وَالْمَتْرُوكِ، وَإِمَّا أَنْ يَمْسَحَ كُلَّ جَرِيبَيْنِ مِنْهَا بِجَرِيبٍ؛ لِيَكُونَ أَحَدُهُمَا لِلْمَزْرُوعِ وَالْآخَرُ لِلْمَتْرُوكِ، وَإِمَّا أَنْ يَضَعَهُ بِكَمَالِهِ عَلَى مِسَاحَةِ الْمَزْرُوعِ وَالْمَتْرُوكِ، وَيَسْتَوْفِي مِنْ أَرْبَابِهِ الشَّطْرَ مِنْ زِرَاءِ أَرْضِهِمْ.

وَإِذَا كَانَ خَرَاجُ الزُّرُوعِ وَالثِّمَارِ مُخْتَلِفًا بِاخْتِلَافِ الْأَنْوَاعِ، فَزُرِعَ أَوْ غُرِسَ مَا لَمْ يُنَصَّ عَلَيْهِ اُعْتُبِرَ خَرَاجُهُ بِأَقْرَبِ الْمَنْصُوصَاتِ بِهِ شَبَهًا وَنَفْعًا.

وَإِذَا زُرِعَتْ أَرْضُ الْخَرَاجِ مَا يُوجِبُ الْعُشْرَ لَمْ يَسْقُطْ عُشْرُ الزَّرْعِ بِخَرَاجِ الْأَرْضِ، وَجُمِعَ فِيهَا بَيْنَ الْحَقَّيْنِ عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ -رَحِمَهُ اللَّهُ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: أَجْمَعُ بَيْنَهُمَا وَأَقْتَصِرُ عَلَى أَخْذِ الْخَرَاجِ وَإِسْقَاطِ الْعُشْرِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ تُنْقَلَ أَرْضُ الْخَرَاجِ إلَى الْعُشْرِ، وَلَا أَرْضُ الْعُشْرِ إلَى الْخَرَاجِ، وَجَوَّزَهُ أَبُو حَنِيفَةَ. وَإِذَا سُقِيَ بِمَاءِ الْخَرَاجِ أَرْضُ عُشْرٍ كَانَ الْمَأْخُوذُ مِنْهَا عُشْرًا، وَإِذَا سُقِيَ بِمَاءِ الْعُشْرِ أَرْضُ خَرَاجٍ كَانَ الْمَأْخُوذُ مِنْهَا خَرَاجًا، اعْتِبَارًا بِالْأَرْضِ دُونَ الْمَاءِ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يُعْتَبَرُ حُكْمُ الْمَاءِ، فَيُؤْخَذُ بِمَاءِ الْخَرَاجِ مِنْ أَرْضِ الْعُشْرِ الْخَرَاجُ، وَيُؤْخَذُ بِمَاءِ الْعُشْرِ مِنْ أَرْضِ الْخَرَاجِ الْعُشْرُ اعْتِبَارًا بِالْمَاءِ دُونَ الْأَرْضِ، وَاعْتِبَارُ الْأَرْضِ أَوْلَى مِنِ اعْتِبَارِ الْمَاءِ؛ لِأَنَّ الْخَرَاجَ مَأْخُوذٌ عَنِ الْأَرْضِ، وَالْعُشْرُ مَأْخُوذٌ عَنِ الزَّرْعِ، وَلَيْسَ عَلَى الْمَاءِ خَرَاجٌ وَلَا عُشْرٌ، فَلَمْ يُعْتَبَرْ فِي وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَعَلَى هَذَا الِاخْتِلَافِ مَنَعَ أَبُو حَنِيفَةَ صَاحِبَ الْخَرَاجِ أَنْ يَسْقِيَ بِمَاءِ الْعُشْرِ، وَمَنَعَ صَاحِبَ الْعُشْرِ أَنْ يَسْقِيَ بِمَاءِ الْخَرَاجِ، وَلَمْ يَمْنَعْ الشَّافِعِيُّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- وَاحِدًا مِنْهُمَا أَنْ يَسْقِيَ بِأَيِّ الْمَاءَيْنِ شَاءَ١.

وَإِنْ بُنِيَ فِي أَرْضِ الْخَرَاجِ أَبْنِيَةٌ مِنْ دُورٍ أَوْ حَوَانِيتَ؛ كَانَ خَرَاجُ الْأَرْضِ مُسْتَحَقًّا؛ لِأَنَّ


١ وإذا كانت أرض من أرض الخراج فإنَّ أبا حنيفة -رحمه الله- كان يقول: ليس فيها عشر، لا يجتمع عشر وخراج وبه يأخذ، وكان ابن أبي ليلى يقول: عليه فيها العشر مع الخراج. قال الشافعي -رحمه الله تعالى: وإذا زرع الرجل أرضًا من أرض الخراج فعليه في زرعها العشر، كما يكون عليه في رزع أرض لرجل تكاراها منه، وهي لذلك الرجل، أو هي صدقة موقوفة. قال: وإذا كانت الأرض من أرض العشر فإنَّ أبا حنيفة -رحمه الله تعالى- كان يقول: في كل قليل وكثير أخرجت من الحنطة والشعير والزبيب والتمر والذرة وغير ذلك من أصناف الغلة العشر ونصف العشر، والقليل والكثير في ذلك سواء، وإن كانت حزمة من بقل. [الأم: ٧/ ١٤٣] .

<<  <   >  >>